للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَسْخُ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ) ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى فَسْخِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِطَلَاقٍ.

(وَإِذَا أَسْلَمَ) الزَّوْجَانِ (الْكَافِرَانِ) سَوَاءٌ كَانَا كِتَابِيَّيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا، أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ أَوْ لَا (ثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (فَذَلِكَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَوَّرُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ تُسْلِمْ (فَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا قَبْلَ زَوْجِهَا الَّذِي بَنَى بِهَا (كَانَ أَحَقَّ بِهَا إنْ) كَانَ حَاضِرًا (وَأَسْلَمَ) ، وَهِيَ (فِي الْعِدَّةُ) وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكَافِرِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيمَا بَيْنَ الْإِسْلَامِيِّينَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِأَنَّهُ بَنَى بِهَا احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ مَكَانَهَا وَبِحَاضِرٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا، ثُمَّ قَدِمَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا الثَّانِي.

ــ

[حاشية العدوي]

الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ رِدَّةَ زَوْجَتِهِ، وَخَالَفَتْهُ بَانَتْ عَنْهُ؛ لِإِقْرَارِهِ بِرِدَّتِهَا، وَأَفْهَمَ الزَّوْجَيْنِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهَا بِارْتِدَادِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ أَيْ بِطَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بَائِنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ بَعْدَ الِارْتِدَادِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ الْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَ التَّسْمِيَةِ هَلْ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ لَا، وَإِذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ عَلَى ثَلَاثٍ. اهـ. [قَوْلُهُ: مَغْلُوبَانِ عَلَى فَسْخِهِ] أَيْ مَقْهُورَانِ عَلَى فَسْخِهِ [قَوْلُهُ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]] أَيْ لَا يَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ عِصْمَةٌ، وَلَا عَلَاقَةُ زَوْجِيَّةٍ وَالْكَوَافِرُ جَمْعُ كَافِرَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ] أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِحَضْرَتِنَا أَوْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: ثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا] ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُصَحِّحُ أَنْكِحَتَهُمْ الْفَاسِدَةَ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ إلَخْ] أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ فُسِخَ النِّكَاحُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَوَقَعَ إسْلَامُهُمَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا.

[قَوْلُهُ: فَذَلِكَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] أَيْ الْإِسْلَامُ فَسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَمِعَ عِيسَى بِطَلَاقٍ [قَوْلُهُ: وَلَوْ تُسْلِمْ] أَيْ لَمْ تُسْلِمْ بِالْقُرْبِ أَيْ فِي كَالشَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْعُدْ الزَّمَانُ بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا بَلْ كَانَ قَرِيبًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَيُقَرُّ عَلَيْهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا، وَهَلْ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ أَنْ غَفَلَ عَنْهَا وَلَمْ تُوقَفْ حِينَ أَسْلَمَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْفُلْ فَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ فَإِنْ أَبَتْهُ، وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ مُطْلَقًا غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا، أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ التَّهَوُّدُ وَالتَّنَصُّرُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْهَا أَيْ وَمِنْهَا أَنْ تُسْلِمَ الزَّوْجَةُ أَوَّلًا، وَيَبْقَى الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا [قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ] ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَالرَّجْعَةِ، وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا] فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ السُّكْنَى لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْقِدْ إلَخْ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانَ بَيِّنَةٌ فَيُصَدَّقُ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا الثَّانِي، وَالصَّوَابُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي غَيْرُ عَالِمٍ بِإِسْلَامِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِلَّا فَاتَتْ، وَمِثْلُ الدُّخُولِ التَّلَذُّذُ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوَابُ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بَعْدَ حُضُورِهِ فِي غَيْبَتِهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِهَا، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا مَعَ حُضُورِهِ بِالْبَلَدِ، وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَزَوُّجِهَا بِالثَّانِي، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ وَلِعَدَمِ عُذْرِ الثَّانِي فِي عَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا عَقْدَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَفُوتُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ [قَوْلُهُ: عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>