للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: إطْلَاقُ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ عِدَّةً مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مَحْصُورَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ حَيْضَةٌ أَوْ ثَلَاثُ حِيَضٍ قَوْلَانِ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ قَبْلَهَا (وَكَانَتْ كِتَابِيَّةً ثَبَتَ عَلَيْهَا) أَيْ أَقَرَّ عَلَى نِكَاحِهَا مَا لَمْ يَكُنْ، ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَإِنْ) لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً بَلْ (كَانَتْ مَجُوسِيَّةً) فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تُسْلِمَ مَكَانَهَا أَوْ لَا (فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ مَكَانَهَا كَانَا زَوْجَيْنِ) مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ. (وَإِنْ) لَمْ تُسْلِمْ بَعْدَهُ مَكَانَهَا بَلْ (تَأَخَّرَ ذَلِكَ) أَيْ إسْلَامُهَا عَنْ إسْلَامِهِ (فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ) وَمَا قَالَهُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ خِلَافُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا وَلَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ بَعْدَ إسْلَامِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ عَلَى بُعْدٍ فُسِخَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قُلْت كَمْ الْبُعْدُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَأَرَى الشَّهْرَيْنِ بُعْدًا.

(وَإِذَا أَسْلَمَ مُشْرِكٌ وَعِنْدَهُ) مِنْ النِّسْوَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ فَلْيَخْتَرْ) نِسْوَةً مِنْهُنَّ (أَرْبَعًا) مِمَّنْ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كُنَّ أَوَائِلَ أَوْ أَوَاخِرَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي عُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَالِاخْتِيَارُ يَكُونُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ (وَ) بَعْدَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا (يُفَارِقُ بَاقِيَهُنَّ) بِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ حَدِيثُ

ــ

[حاشية العدوي]

الِاسْتِظْهَارِ] أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ [قَوْلُهُ: مَجَازٌ] أَيْ مَجَازُ الْمُشَابَهَةِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إلَخْ] سَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْحِيَضِ الثَّلَاثِ هَلْ هِيَ كُلُّهَا اسْتِبْرَاءٌ أَوْ بَعْضُهَا اسْتِبْرَاءٌ وَبَعْضُهَا عِبَادَةٌ فَمَنْ قَالَ اسْتِبْرَاءٌ كُلُّهَا.

قَالَ تَسْتَبْرِئُ بِثَلَاثٍ وَمَنْ قَالَ: إنَّ الزَّائِدَ عَلَى حَيْضَةٍ فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ عِبَادَةٌ.

قَالَ تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ غَيْرُ مُتَعَبِّدَةٍ وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالثَّلَاثِ.

[قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّأَخُّرِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ، وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى آخِرِ مَا هُنَا، وَهِيَ أَوْضَحُ وَالرَّاجِحُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ [قَوْلُهُ: قَالَ لَا أَدْرِي] أَيْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَدْرِي الشَّهْرُ إلَخْ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّائِلَ لَهُ سَحْنُونٌ، وَقَوْلُهُ: وَأَرَى الشَّهْرَيْنِ بُعْدًا خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ قَرِيبًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نُصُوصُهُمْ، بَلْ وَفِي الْبَعْضِ التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ التَّهْذِيبِ شَهْرَيْنِ بَدَلَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ (أَقُولُ) : وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يُفَسَّرَ النَّحْوُ بِالشَّهْرِ فَتَدَبَّرْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَ مُشْرِكٌ] الْمُرَادُ كَافِرٌ [قَوْلُهُ: فَلْيَخْتَرْ] بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا أَوْ وَلِيُّهُ إنْ كَانَ صَبِيًّا، وَلَوْ أَحْرَمَ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ النِّسَاءُ إمَاءً حَيْثُ أَسْلَمْنَ مَعَهُ، وَلَوْ فُقِدَتْ شُرُوطُ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كُنَّ أَوَائِلَ أَوْ أَوَاخِرَ] الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فِي عُقُودٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ [قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ] أَيْ الِاخْتِيَارُ، وَقَوْلُهُ مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ أَيْ كَطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ لِعَانٍ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا فَسْخٌ، وَلَهُ الِاخْتِيَارُ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُخْتَارَةِ وَفَائِدَتُهُ إرْثُهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَمُسْلِمَةً [قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طَلَاقٍ] أَيْ أَنَّ مُفَارَقَةَ الْبَاقِي لَيْسَتْ طَلَاقًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: إنَّهَا طَلَاقٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَسْخَ الْبَاقِي الْمَشْهُورِ أَنَّهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: إنَّهُ طَلَاقٌ، وَعَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ: أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَاخْتَارَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَ فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>