للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَافِرَةِ.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا) أَيْ يَقْصِدَ أَنْ يُحِلَّهَا (لِمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا) إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ ثِنْتَيْنِ إنْ كَانَ عَبْدًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ ثُمَّ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَلَا يُحِلُّهَا ذَلِكَ) التَّزْوِيجُ مَعَ الْوَطْءِ لِمَنْ طَلَّقَهَا الْبَتَاتَ، وَإِذَا عَثَرَ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ وَلَهَا بِالْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ بِهَذَا النِّكَاحِ فُسِخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَيُعَاقَبُ مَنْ عَمِلَ بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ مِنْ زَوْجٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَزَوْجَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَصْدَ الْمُطَلِّقِ أَوْ الزَّوْجَةِ التَّحْلِيلَ بِنِكَاحِ الثَّانِي لَا يَضُرُّ وَتَحِلُّ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (لِنَفْسِهِ وَلَا يَعْقُدُ نِكَاحًا لِغَيْرِهِ) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ» فَإِنْ وَقَعَ نِكَاحُهُ أَوْ إنْكَاحُهُ فُسِخَ أَبَدًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ، وَإِذَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَةِ] زَوَّجَهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ خَاصٌّ فَأَسَاقِفَتُهُمْ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ التَّظَالُمِ، وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ خُصُوصِ مُسْلِمٍ.

[قَوْلُهُ: أَيْ يَقْصِدُ أَنْ يُحِلَّهَا إلَخْ] أَيْ فَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ قَصْدُ الْإِحْلَالِ أَيْ أَوْ قَصْدُ الْإِحْلَالِ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ، وَالْعِبْرَةُ بِالنِّيَّةِ وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَوْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّحْلِيلِ عِنْدَ الْوَطْءِ لَا يَضُرُّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُحِلَّهَا وَنِيَّتُهُ هُوَ الْإِمْسَاكُ يُحِلُّهَا فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ وَاسْتَظْهَرَهُ عج [قَوْلُهُ: التَّيْسُ الْمُسْتَعَارُ] التَّيْسُ الذَّكَرُ مِنْ الْمَعْزِ، إذَا أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ، وَقَبْلَ الْبُلُوغِ جَذَعٌ.

قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: هُوَ الْمُحَلِّلُ] أَيْ فَفِي قَوْلِهِ التَّيْسُ تَشْبِيهُ الرَّجُلِ الْمُحَلِّلِ بِالتَّيْسِ وَاسْتِعَارَةُ اسْمِهِ لَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّصْرِيحِ بِجَامِعِ الدَّنَاءَةِ، إشَارَةً إلَى أَنَّهُ بِمَثَابَةِ حَيَوَانٍ بَهِيمِيٍّ دَنِيءٍ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي اقْتِنَائِهِ لِقِلَّةِ مَنْفَعَتِهِ، كَيْفَ وَقَدْ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ مُسْتَعَارًا لَا ثَبَاتَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» سَمَّاهُ مُحَلِّلًا بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِمْ، وَالْمُحَلِّلُ بِكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى الَّذِي يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَالْمُحَلَّلُ لَهُ هُوَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَسَكَتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالشُّهُودِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَاحِقَةٌ لِكُلٍّ لِتَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِالزَّوْجَيْنِ أَشَدُّ، وَلِذَلِكَ «أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ اللَّهَ لَعَنَهُمَا» أَيْ طَرَدَهُمَا عَنْ رَحْمَتِهِ إنْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةً مَعْنًى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إنْشَائِيَّةً مَعْنًى [قَوْلُهُ: التَّزْوِيجُ] الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَنْ يَقُولَ، وَلَا يُحِلُّهَا ذَلِكَ الزَّوْجُ [قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ] أَيْ ذَلِكَ الْفَسْخُ طَلَاقٌ قَالَ تت: أَيْ بَائِنَةٍ وَعِبَارَةُ بَعْضٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ [قَوْلُهُ: وَلَهَا بِالْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ] هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ لَهَا الْمُسَمَّى وَصَرَّحَ بِهِ تت قَائِلًا: وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ أَصَابَهَا وَكَلَامُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْأَصَحُّ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ الْمُنَاسِبُ كَمَا قُرِّرَ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ فَسَادِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ، مَنْ يَرَى ذَلِكَ فَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ أَنْ يَطَأَ مَبْتُوتَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ وَتَحِلُّ إلَخْ] وَالظَّاهِرُ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ نِيَّةُ مَنْ ذَكَرَ لَا تَضُرُّ دُونَ نِيَةِ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ] بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ، وَلَا يُنْكِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ، وَلَا يَخْطُبُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَ نِكَاحًا [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ نِكَاحُهُ إلَخْ] لَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ، بَلْ مَتَى كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُحْرِمًا أَوْ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ مُحْرِمًا. حَالَ الْعَقْدِ فَالْفَسَادُ، وَأَوْلَى أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَا يُرَاعَى وَقْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>