للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا إذَا طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَقَالَ: (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي) حَقِّ (الْحُرَّةِ أَوْ) فِي الْحَيْضَةِ (الثَّانِيَةِ فِي) حَقِّ (الْأَمَةِ) ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الزَّوْجِيَّةِ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا مَا عَدَا الْوَطْءَ وَالرَّجْعَةُ تَكُونُ بِالنِّيَّةِ، مَعَ الْقَوْلِ كَرَاجَعْتُهَا، وَأَمْسَكْتهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَوْلِ كَالْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَفِي رَجْعَتِهِ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ قَوْلَانِ، وَلَوْ انْفَرَدَ الْقَوْلُ دُونَ النِّيَّةِ فَرَجْعَةٌ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَالْوَطْءُ دُونَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ لَا ظَاهِرًا وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَهُ الرَّجْعَةُ] الرَّجْعَةُ تَعْتَرِيهَا أَحْكَامٌ خَمْسَةٌ كَمَا تَعْتَرِي النِّكَاحَ، وَأَمْثِلَتُهَا تُعْرَفُ مِنْ أَمْثِلَةِ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ، وَلَمَّا كَانَ حُكْمُهَا الْأَصْلِيُّ الْجَوَازَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خَمْسَةٌ تَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمْ. [قَوْلُهُ: فِي الَّتِي تَحِيضُ] أَيْ وَطَلُقَتْ دُونَ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضٍ، وَأَمَّا الَّتِي طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَيُرَاجِعُهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْأَمَةُ فِي الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تُعَجِّلَ الزَّوَاجَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَا بَعْدَ حَيْضَةٍ فِي بَابِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ.

[قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْحُرَّةِ] ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْأَمَةُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا، فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ، هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَالْجَوَابُ إذَا رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ الْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ أَيُّ بَعْضٍ لَهُ بَالٌ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى سَاعَةٍ نَادِرٌ، كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ فُرِضَ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَا تَصِحُّ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ. ثَانِيهَا أَنْ يَطَأهَا وَطْئًا صَحِيحًا فَلَا تَصِحُّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ أَوْ وَطِئَ فِيهِ وَطْئًا حَرَامًا فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صِيَامٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَا وَطْءٍ إذْ الْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. [قَوْلُهُ: كَرَاجَعْتهَا، وَأَمْسَكْتهَا] كَذَا فِي النُّسَخِ رَاجَعْتهَا إلَخْ، وَلَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إنْ رَاجَعْتهَا صَرِيحَةً وَكَذَا ارْتَجَعْتهَا فَلَا تَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ، وَكَذَا رَجَعْتهَا عِنْدَ الزَّرْقَانِيِّ، وَأَمَّا أَمْسَكْتهَا فَهِيَ مِنْ الْمُحْتَمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا لَهَا، وَكَذَا رَجَعْتهَا عِنْدَ غَيْرِ الزَّرْقَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْت عَنْ صُحْبَتِهَا.

[قَوْلُهُ: كَالْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ] أَيْ مَعَ النِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: وَفِي رَجَعْته بِالنِّيَّةِ فَقَطْ قَوْلَانِ إلَخْ] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ، فَإِذَا نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أَظْهَرَ لَنَا مَا أَضْمَرَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ أَيْ بِأَنْ يُجْرِيَ عَلَى قَلْبِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هِيَ طَالِقٌ لَا أَنَّهُ يَنْوِي طَلَاقَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ رَدَّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ، وَيَعِزُّ وُجُودُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْصُوصًا فِي الْمَذْهَبِ، إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ أَيْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ.

فَلَوْ نَوَى ثُمَّ أَصَابَ فَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةَ بِيَسِيرٍ، فَقَوْلَانِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الرَّجْعَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَطْ فِيمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ، فِيهَا بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِذَا رَفَعَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَرَدَ الْقَوْلُ دُونَ النِّيَّةِ] أَيْ: بِأَنْ تَلَفَّظَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ هَازِلًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هَازِلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، وَهُوَ رَجْعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>