للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْخُلْ) وَلَا يَنْوِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقِيلَ يَنْوِي إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا، وَفِي سَائِرِ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ (فَإِنْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ (بَرِيَّةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَهِيَ ثَلَاثٌ فِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا، وَيَنْوِي) فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ لَا فِي إرَادَةِ غَيْرِ الطَّلَاقِ (فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَصْلِ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ.

(وَالْمُطَلَّقَةُ) الَّتِي سَمَّى لَهَا الزَّوْجُ صَدَاقًا جَائِزًا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) يَجِبُ (لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ) الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧]

ــ

[حاشية العدوي]

بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ الْبَتِّ، وَهُوَ الْقَطْعُ وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا شَيْئًا. [قَوْلُهُ: وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ] فَقَدْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ فَجَاءَ ثَلَاثٌ فِيهِمَا، أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَلَا يَنْوِي وَجَاءَ يَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ: مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي فِي جَمِيعِ الْكِنَايَاتِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ فَإِنَّ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي أَلْبَتَّةَ مُطْلَقًا مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَنْوِي فِيمَا عَدَاهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَرَّرَهُ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَرِيَّةٌ] أَيْ أَوْ أَنْتِ كَالدَّمِ الْمَيْتَةِ أَوْ وَهَبْتُك أَوْ رَدَدْتُك لِأَهْلِك، أَوْ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ حَرَامٍ أَوْ أَنَا بَائِنٌ، أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةً؛ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا يُبِينُهَا إلَّا الثَّلَاثُ أَوْ الْخُلْعُ. [قَوْلُهُ: أَوْ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك] خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْوِي، وَذَلِكَ فِي بَتَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ ابْتِدَاءً حَتَّى يَدَّعِيَ نِيَّةَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ ابْتِدَاءً حَتَّى يَدَّعِيَ نِيَّةَ أَقَلَّ حَتَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَيُقْبَلُ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا خَلَّيْت سَبِيلَك.

تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ حَيْثُ لَا بِسَاطَ، وَأَمَّا لَوْ رَفَعَتْهُ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُفْتِي، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى نَفْيِ الطَّلَاقِ، لَكِنْ عِنْدَ الْقَاضِي حَيْثُ رَفَعَتْهُ بَيِّنَةٌ بِيَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ.

قَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ قَالَ لِمَنْ طَلَّقَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَهُ يَا مُطَلَّقَةُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ بِمَا حَصَلَ لَهُ أَوْ أَكْثَرَتْ فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ، فَقَالَ لَهَا عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ: يَا مُطَلَّقَةُ وَادَّعَى إنَّمَا أَرَادَ يَا مِثْلَ الْمُطَلَّقَةِ فِي طُولِ اللِّسَانِ وَقِلَّةِ الْأَدَبِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي الرَّائِحَةِ أَوْ قَالَ أَرَدْت بِبَائِنٍ مُنْفَصِلٍ، إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ أَوْ أَنْتِ كَالدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ إذَا كَانَتْ رَائِحَتُهَا قَذِرَةً أَوْ كَرِيهَةً.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُ بِهِ، وَلَوْ هَازِلًا مَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً، وَقَالَتْ: أَطْلِقْنِي فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي نَحْوِ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَسْتَعْمِلُهَا فِي الطَّلَاقِ، وَإِلَّا كَانَتْ كِنَايَةً خَفِيَّةً، فَإِنْ اعْتَادَ ذَلِكَ أَوْ اعْتَادَهُ أَهْلُ بَلَدِهِ، وَأَوْلَى لَوْ كَانَ عَادَةَ الْجَمِيعِ لَزِمَ الطَّلَاقُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَنْوِيَ الطَّلَاقَ. [قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَصْلِ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ] أَيْ بَرِيَّةٌ مِنْ الْبَرَاءَةِ أَيْ بَرِيَّةٌ مِنْ الزَّوْجِ وَخَلِيَّةٌ أَيْ خَلَّى الْجِسْمُ مِنْ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، وَحَرَامٌ أَيْ مَمْنُوعَةٌ مِنِّي لِلْفُرْقَةِ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، أَصْلُهُ أَنْ يَفْسَخَ خِطَامَ الْبَعِيرِ عَنْ أَنْفِهِ، وَيُلْقِيَ عَلَى غَارِبِهِ، وَهُوَ مُقَدَّمُ سَنَامِهِ، وَيُسَيَّبُ لِلرَّعْيِ، فَكَأَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ لَهَا: قَدْ سَيَّبْتُك وَصِرْت مُسْتَقِلَّةً لَا زَوْجَ لَك.

[قَوْلُهُ: وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ] الْمُرَادُ بِهَا الْوَطْءُ لَا مُجَرَّدُ الِاخْتِلَاءِ بِهَا. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا] لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِقَوْلِهِ صَدَاقًا جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الصَّدَاقُ جَائِزًا، وَيَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا لِوَجْهٍ آخَرَ، وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ جَوَازَ الصَّدَاقِ أَعَمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>