للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْلِيكُهُ طَوْعًا وَاحْتَرَزَ بِمَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ لَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيهَا.

وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تُخَيَّرَ فِي الْعَدَدِ أَوْ النَّفْسِ فَإِنْ خُيِّرَتْ فِي الْعَدَدِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ زِيَادَةً عَلَى مَا جُعِلَ لَهَا، وَإِنْ خُيِّرَتْ فِي النَّفْسِ فَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَبَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي كَانَ ثَلَاثًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إنْ فَسَّرَتْهُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَيْسَ لَهَا فِي التَّخْيِيرِ أَنْ تَقْضِيَ إلَّا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ لَا نُكْرَةَ لَهُ فِيهَا) ، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ مُنَاكَرَةُ الْمُمَلَّكَةِ دُونَ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك اخْتِيَارُ مَا تَنْقَطِعُ بِهِ الْعِصْمَةُ، وَهِيَ لَا تَنْقَطِعُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهَا الثَّلَاثَ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ جَعْلِهِ ذَلِكَ لَهَا، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ طَلْقَةً أَوْ أَزْيَدَ فَلَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ، وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ.

ــ

[حاشية العدوي]

إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا لَا قَبْلَهُ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا.

ثَانِيهمَا أَنْ لَا يُكَرِّرَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَمَّا إنْ كَرَّرَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك، أَمْرُك بِيَدِك أَمْرُك بِيَدِك، فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ، وَيَقَعُ مَا أَوْقَعَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِتَأْكِيدٍ أَوْ نَوَى التَّأْسِيسَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ تَمْلِيكُهُ طَوْعًا] احْتِرَازًا مِمَّا إذَا شَرَطَ لَهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا مُنَاكَرَةَ لَهُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ، وَأَمَّا إذَا مَلَّكَهَا فِيهِ طَائِعًا فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ شَرْطٌ، وَلَا تَنْصِيصٌ عَلَى طَوْعٍ، فَقِيلَ: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الطَّوْعِ، وَقِيلَ عَلَى الشَّرْطِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ خُيِّرَتْ فِي الْعَدَدِ] كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اخْتَارِي وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ [قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ إلَخْ] فَإِنْ أَوْقَعَتْ أَقَلَّ مِنْ الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا قَضَتْ بِهِ، وَتَسْتَمِرُّ عَلَى تَخْيِيرِهَا [قَوْلُهُ: كَانَ ثَلَاثًا] أَيْ ثَلَاثًا قَطْعًا.

وَقَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إنْ فَسَّرَتْهُ أَيْ إذَا خَيَّرَهَا فِي النَّفْسِ، فَقَالَتْ: اخْتَرْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَبَطَلَ التَّخْيِيرُ مِنْ أَصْلِهِ. وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا التَّخْيِيرُ أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ، قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، بِأَنْ يَقُولَ مَا أَرَدْت إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُمَلَّكَةَ يُنَاكِرُهَا مُطْلَقًا وَالْمُخَيَّرَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَيْسَتْ شُرُوطًا فِي مُنَاكَرَةِ الْمُمَلَّكَةِ فَقَطْ بَلْ مِثْلُهَا الْمُخَيَّرَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

تَتِمَّةٌ: لَيْسَ لِلزَّوْجِ عَزْلُ الْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهَا فِي طَلَاقِهَا فَلَهُ عَزْلُهَا قَبْلَ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ لَهَا بِذَلِكَ حَقٌّ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَقَدْ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك تَوْكِيلًا، فَلَا عَزْلَ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الْوَكِيلَ يَفْعَلُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْمُخَيَّرِ أَوْ الْمُمَلَّكِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِ الزَّوْجِ فِي التَّخْيِيرِ، وَالتَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَالشَّرْطُ تَمْيِيزُهَا، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ [قَوْلُهُ: وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ إلَخْ] الْأَوَّلُ ق قَوْلُهُ: لَهَا ظَاهِرُهُ بَالِغَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَالِغَةٍ إذَا كَانَتْ تَعْقِلُ.

وَأَمَّا الزَّوْجُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْبُلُوغُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَالزَّوْجُ كَذَلِكَ، الثَّانِي مِنْهُ قَوْلُهُ: مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ هَذَا إذَا مَلَّكَهَا التَّمْلِيكَ الْمُطْلَقَ وَلَوْ قَالَ لَهَا فِي التَّمْلِيكِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت، فَذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ الثَّالِثُ ق التَّمْلِيكُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّوْكِيلِ عَلَى الطَّلَاقِ، ثُمَّ حَكَى قَوْلَيْنِ فِي التَّخْيِيرِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ ثُمَّ قَالَ الرَّابِعُ يُحَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ دُونَ التَّوْكِيلِ حَتَّى تُجِيبَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. اهـ.

وَالْأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِي التَّخْيِيرِ جَارٍ فِي التَّمْلِيكِ إذَا قُيِّدَ بِالثَّلَاثِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُبَاحٌ وَالتَّوْكِيلُ مَكْرُوهٌ إنْ قُيِّدَ بِالثَّلَاثِ، وَإِلَّا فَالْجَوَازُ وَالْخِلَافُ فِي التَّخْيِيرِ جَازَ فِي الزَّوْجَةِ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>