للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَتَيْنِ غَيْرِ دَاخِلَتَيْنِ تَحْتَ التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: (وَالْمُمَلَّكَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ لَهَا زَوْجُهَا مَثَلًا: مَلَّكْتُك نَفْسَك أَوْ أَمْرَك أَوْ طَلَاقُك بِيَدِك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت (وَالْمُخَيَّرَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي يُخَيِّرُهَا فِي النَّفْسِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ فِي عَدَدٍ يُعَيِّنُهُ مِنْ أَعْدَادِ الطَّلَاقِ مِثْلَ اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ حُكْمُهُمَا أَنَّ (لَهُمَا أَنْ يَقْضِيَا مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ) فَالْمُمَلَّكَةُ تُجِيبُ بِصَرِيحٍ يُفْهِمُ عَنْهَا مُرَادَهَا مِنْهُ فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَطْلُقَ وَاحِدَةً أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهَا فَفِي الْوَاحِدَةِ لَا مُنَاكَرَةَ لَهُ، وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهَا لَهُ الْمُنَاكَرَةُ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ) أَيْ لِزَوْجِ الْمُمَلَّكَةِ (أَنْ يُنَاكِرَ الْمُمَلَّكَةَ خَاصَّةً) دُونَ الْمُخَيَّرَةِ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ (فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدَةُ) بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ، وَهِيَ أَنْ يُنْكِرَ حِينَ سَمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ، وَلَا إهْمَالٍ، وَأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِتَمْلِيكِهِ الطَّلَاقَ، وَأَنْ تَكُونَ مُنَاكَرَتُهُ فِي عَدَدِهِ، وَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فِي حَالِ تَمْلِيكِهِ، وَأَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَمْثِلَةِ لِيَدْخُلَ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ وَلَّيْتُك أَمْرَك أَوْ مَلَّكْتُك، وَضَابِطُ التَّمْلِيكِ جَعْلُ إنْشَائِهِ حَقًّا لَهَا وَكَذَا لِغَيْرِهَا رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا بِنِيَّةٍ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ [قَوْلُهُ: وَالْمُخَيَّرَةُ] ضَابِطُهُ جَعْلُ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا حُكْمًا أَوْ نَصًّا عَلَيْهَا حَقًّا لَهَا وَكَذَا لِغَيْرِهَا.

[قَوْلُهُ: مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهَا إلَخْ] أَيْ أَوْ اخْتَارِي أَمْرَك أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَطْ، أَيْ بِدُونِ اخْتَارِينِي [قَوْلُهُ: اخْتَارِي طَلْقَةً إلَخْ] ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَعَدَّى ذَلِكَ [قَوْلُهُ: مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ] أَيْ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ أَرَادَ قَطْعَ ذَلِكَ عَنْهَا حِينَ مَلَكَهَا لَمْ يَنْفَعْهُ وَحَدُّ ذَلِكَ، إذَا قَعَدَ مَعَهَا قَدْرَ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ، وَلَمْ تَقُمْ فِرَارًا، وَإِنْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ وَعُلِمَ أَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا ذَلِكَ وَخَرَجَا إلَى غَيْرِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَهَذَا فِي التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَإِذَا قُيِّدَ بِزَمَانٍ كَخَيَّرْتُك أَوْ مَلَّكْتُك فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا، أَوْ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ الْمَجْلِسِ تَعَيَّنَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ مَا لَمْ يُوقِفْهَا الْحَاكِمُ.

[قَوْلُهُ: فَالْمُمَلَّكَةُ إلَخْ] وَكَذَا الْمُخَيَّرَةُ فَلَوْ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَقَالَتْ قَوْلًا مُحْتَمِلًا نَحْوَ قَبِلْت أَمْرِي أَوْ قَبِلْت نَفْسِي أَوْ مَا مَلَّكْتنِي، فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِتَفْسِيرٍ بِذَلِكَ، وَيُقْبَلُ مِنْهَا مَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت بِهِ رَدَّ مَا جَعَلَهُ لِي وَأَبْقَى عَلَى الْعِصْمَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ، أَوْ قَالَتْ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت الْبَقَاءَ عَلَى التَّرَوِّي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ تُفَسِّرْ حَتَّى حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الَّتِي انْقَضَتْ بِهَا الْعِدَّةُ أَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا، فَقَالَتْ: أَرَدْت طَلْقَةً وَاحِدَةً قُبِلَ مِنْهَا بِلَا يَمِينٍ، وَلَا رَجْعَةً لَهُ لِتَفْرِيطِ الزَّوْجِ بِكَوْنِهِ لَمْ يُوقِفْهَا، وَلَمْ يَسْتَفْسِرْهَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ تُجِيبُ بِصَرِيحٍ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ مِمَّا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا، وَأَرَادَ بِالصَّرِيحِ مَا يَشْمَلُ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ كَاسْقِينِي الْمَاءَ فَيُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا، وَلَوْ نَوَتْ بِهَا الطَّلَاقَ، وَقَوْلُهُ يُفْهِمُ عَنْهَا مُرَادَهَا مِنْهُ إمَّا بِطَلَاقٍ كَمَا قَرَّرْنَا كَأَنْ تَقُولَ أَنَا طَالِقٌ مِنْك أَوْ طَلَّقْت أَوْ رَدَّهُ، كَأَنْ تَقُولَ رَدَدْت مَا مَلَّكْتنِي أَوْ لَا أَقْبَلُ مِنْك أَوْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا، وَلَوْ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَهِيَ طَائِعَةٌ عَالِمَةٌ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا إلَّا أَنْ أَمْكَنَتْ مِنْ نَفْسِهَا غَيْرَ عَالِمَةٍ بِمَا جَعَلَهُ لَهَا فَلَا يَبْطُلُ، وَلَوْ وَطِئَهَا بِالْفِعْلِ.

وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْعِلْمِ [قَوْلُهُ: أَنْ يُنَاكِرَ الْمُمَلَّكَةَ خَاصَّةً إلَخْ] هَذَا إذَا بَقِيَتْ لَهُ طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ آخِرَ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ لَا يُنَاكِرُهَا [قَوْلُهُ: أَنْ يُنْكِرَ حِينَ سَمَاعِهِ] فَلَوْ لَمْ يُبَادِرْ، وَأَرَادَ الْمُنَاكَرَةَ، وَادَّعَى الْجَهْلَ فِي ذَلِكَ، لَمْ يُعْذَرْ، وَيَسْقُطُ حَقُّهُ، وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِتَمْلِيكِهِ الطَّلَاقَ] فَلَوْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَرَدْت بِمَا جَعَلْته لَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: إنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَصَدَ طَلْقَةً وَاحِدَةً [قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مُنَاكَرَتُهُ فِي عَدَدِهِ] أَيْ لَا فِي أَصْلِهِ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ نَوَى إلَخْ] فَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا عِنْدَهُ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَ مَا أَوْقَعَتْهُ، وَسَكَتَ عَنْ شَرْطَيْنِ: أَوَّلُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَقَعَ مَا أَوْقَعَتْهُ، وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ، وَمَحِلُّ يَمِينِهِ وَقْتَ الْمُنَاكَرَةِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ لِيُحْكَمَ لَهُ الْآنَ بِالرَّجْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>