للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فَاسِدٍ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ بَاشَرَهَا (لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا) قِيَاسًا عَلَى أُمِّ الزَّوْجَةِ (وَلَا) تَحِلُّ لَهُ (ابْنَتُهَا) قِيَاسًا عَلَى الرَّبِيبَةِ (وَتَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ) قِيَاسًا عَلَى حَلِيلَةِ الِابْنِ (وَ) تَحْرُمُ عَلَى (أَبْنَائِهِ) قِيَاسًا عَلَى زَوْجَةِ الْأَبِ فَتَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ، يَجْرِي فِي الْمِلْكِ (كَتَحْرِيمِ) الْمُصَاهَرَةِ فِي (النِّكَاحِ) ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] الْآيَةُ.

(وَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ دُونَ السَّيِّدِ) لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّمَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ مَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» كِنَايَةٌ عَنْ الزَّوْجِ، وَهَذَا إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَمَّا إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَا طَلَاقَ لِصَبِيٍّ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ» .

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا كَانَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ بَلَغَ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِالْجَوَارِي، وَإِلَّا فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهَذَا كَمَا قَرَّرْنَا فِي الْوَاطِئِ وَاللَّامِسِ، وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ وَالْمَلْمُوسَةُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً جِدًّا. [قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِدٍ] أَيْ مُخْتَلَفٍ فِي فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ فَلَا وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ غَيْرَ جَائِزٍ، كَمَا إذَا كَانَتْ مَجُوسِيَّةً وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ وَفِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُهُ [قَوْلُهُ: أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ بَاشَرَهَا] بِلَذَّةٍ مَعَ قَصْدٍ وَبِدُونِهِ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ لَذَّةً، وَلَوْ بِقُبْلَةٍ بِفَمٍ أَوْ بِلَمْسٍ وَنَحْوِهِ، بَلْ، وَلَوْ بِنَظَرٍ وَوَجَدَهَا حَرُمَ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ انْتَفَيَا فَلَا، وَإِنْ قَصَدَهَا فَقَطْ أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ فَقَوْلَانِ فِي كُلٍّ أَقْوَاهُمَا فِي الثَّانِي التَّحْرِيمُ، وَالْأَرْبَعَةُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ، وَهُوَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا تَحْرِيمَ بِالنَّظَرِ مُطْلَقًا كَبَاطِنِ الْجَسَدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّلَذُّذَ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالنَّظَرِ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ يَحْرُمُ وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ، وَأَمَّا الزِّنَا فَلَا يَحْرُمُ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ] أَيْ تِلْكَ الْمَوْطُوءَةُ أَيْ أَوْ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا [قَوْلُهُ: عَلَى آبَائِهِ] أَيْ أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَوْا، وَقَوْلُهُ عَلَى أَبْنَائِهِ أَيْ فُرُوعِهِ، وَأَنْ سَفَلُوا [قَوْلُهُ: فَتَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ] أَيْ الْحَاصِلُ بِالْوَطْءِ أَوْ التَّلَذُّذِ، وَلَوْ قَالَ فَتَحْرِيمُ مُصَاهَرَةِ الْمِلْكِ كَتَحْرِيمِ مُصَاهَرَةِ النِّكَاحِ، لَكَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ كَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالنِّكَاحِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ بَعْضِ الْمُصَاهَرَةِ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ.

[قَوْلُهُ: بِيَدِ الْعَبْدِ] أَيْ الْمُكَلَّفِ الَّذِي تَزَوَّجَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. [قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ عَنْ الزَّوْجِ] وَجْهُهُ أَنَّ مَدْلُولَ مَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ ذَاتٌ كُلِّيَّةٌ تَصْدُقُ عَلَى أَفْرَادٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُسْتَلْزِمَةٍ شَرْعًا، مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقِهَا لِفَرْدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ تِلْكَ الْأَفْرَادِ، وَهُوَ الزَّوْجُ فَقَدْ أُطْلِقَ اسْمُ الْمَلْزُومِ وَأُرِيدَ اللَّازِمُ [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ] ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِمْضَاءِ، وَإِذَا فَسَخَهُ يَكُونُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ بَائِنَةٌ لَا أَكْثَرُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ أَوْقَعَ اثْنَيْنِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ، وَوَارِثُ السَّيِّدِ كَهُوَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُوهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ فَالْقَوْلُ لِذِي الْفَسْخِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا طَلَاقَ لِصَبِيٍّ] حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ. وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا، بِحَيْثُ صَارَ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ، وَلَوْ بِأَكْلِ حَشِيشَةٍ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ السَّكْرَانِ بِحَلَالٍ، وَلَا لِكَافِرٍ.

تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا لَا طَلَاقَ عَلَى الصَّبِيِّ إنَّمَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِزَوْجَتِهِ، وَأَمَّا إذَا طَلَّقَ الصَّبِيُّ أَوْ الْكَافِرُ زَوْجَةَ غَيْرِهِ فَتَصِحُّ إجَازَةُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلِّقَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ، وَلِذَلِكَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ يَوْمِ إجَازَتِهِ لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ. [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا] أَيْ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَرُبَ مِنْ الْبُلُوغِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا وَحَنِثَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: «رُفِعَ الْقَلَمُ» إلَخْ] التَّعْبِيرُ بِالرَّفْعِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الَّذِي لَا يُكْتَبُ الْمَعْصِيَةُ، فَلَا يُنَافِي كَتْبَ الطَّاعَةِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ مَعْنَى كَتْبِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَوْلُهُ وَعَنْ الْمَعْتُوهِ فِي التَّهْذِيبِ الْمَعْتُوهُ الْمَدْهُوشُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ أَوْ جُنُونٍ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ إلَخْ] أَيْ فَقَدْ تَبَرَّعَ بِهِمَا، وَقِيلَ لَا بَلْ هُمَا دَاخِلَتَانِ فِي الطَّلَاقِ فَلَا تَبَرُّعَ [قَوْلُهُ: مَثَلًا] الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>