مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] فِي النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فِي الْوَطْءِ عَنْ جَمْعِهِمَا فِي الْمِلْكِ لِغَيْرِ الْوَطْءِ، وَإِذَا جُمِعَا فِي الْمِلْكِ فَلَهُ أَنْ يَطَأَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ، وَالْكَفُّ عَنْ الْأُخْرَى مَوْكُولٌ إلَى أَمَانَتِهِ (فَإِنْ شَاءَ) أَيْ إذَا أَرَادَ (وَطْءَ الْأُخْرَى فَلْيُحَرِّمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (فَرْجَ الْأُولَى) الَّتِي وَطِئَهَا إمَّا (بِبَيْعٍ) بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بَيْعًا نَاجِزًا لِمَنْ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَاحْتَرَزْنَا بِ " نَاجِزًا " مِنْ نَحْوِ بَيْعِ الْخِيَارِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ فَرْجَ الْأُولَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَبِمَنْ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ عَمَّا إذَا بَاعَهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ كَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَعَبْدِهِ، إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمُعْتَصِرِ مِنْهُ فَتَحِلُّ لَهُ.
(أَوْ) بِ (كِتَابَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا (أَوْ) بِ (عِتْقٍ) نَاجِزٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ (وَشَبَهُهُ مِمَّا يُحَرِّمُ بِهِ) كَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ لِمَنْ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ إذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلثَّوَابِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُعَوَّضَ عَلَيْهَا أَوْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَتَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ.
(وَمَنْ وَطِئَ) مِنْ الْبَالِغِينَ (أَمَةً بِمِلْكٍ) صَحِيحٍ
ــ
[حاشية العدوي]
الْجَمْعِ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: فِي الْوَطْءِ] أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ [قَوْلُهُ: عَنْ جَمْعِهِمَا فِي الْمِلْكِ لِغَيْرِ الْوَطْءِ] أَيْ أَوْ وَاحِدَةٌ لِلْمِلْكِ، وَأُخْرَى لِلْوَطْءِ [قَوْلُهُ: بَيْعًا نَاجِزًا] أَيْ، وَلَوْ دُلِّسَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي التَّمَاسُكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ أُخْتَهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهَا النَّاجِزِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يُقَيَّدُ بِأَلَّا يَكُونَ فِيهَا مُوَاضَعَةٌ، وَلَا عُهْدَةُ ثَلَاثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ، وَلَك أَنْ تَقُولَ احْتَرَزَ الشَّارِحُ بِنَاجِزًا أَيْضًا عَنْ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَالْمُوَاضَعَةِ كَمَا فَعَلَ فِي التَّحْقِيقِ وَاحْتَرَزَ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ مِنْ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى [قَوْلُهُ: كَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَعَبْدِهِ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الِاعْتِصَارَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ بَلْ وَمِثْلُهُ الْكَبِيرُ، وَأَنَّ الِاعْتِصَارَ هُوَ ارْتِجَاعُ عَطِيَّةٍ دُونَ عِوَضٍ لَا بِطَوْعِ الْمُعْطِي، وَهَذَا بَيْعٌ لَا عَطِيَّةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالِاعْتِصَارِ مُطْلَقَ الِارْتِجَاعِ مِنْ الْمَالِكِ بِدُونِ اخْتِيَارٍ، وَلَوْ بِالْعِوَضِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَخُصُّ الصَّغِيرَ بَلْ وَالْكَبِيرَ السَّفِيهَ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ، وَيَكُونُ مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهَا لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ كَالْبَيْعِ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَحِلُّ لَهُ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا.
[قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَةٍ إلَخْ] ، وَلَوْ عَجَزَتْ عَنْ النُّجُومِ فَلَا تَعُودُ الْحُرْمَةُ [قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلٍ] يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: كَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ] أَيْ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا إذَا أَخْدَمَهَا زَمَنًا طَوِيلًا كَأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ أُسِرَتْ أَوْ أَبِقَتْ إبَاقًا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا مِنْهُ، وَلَوْ رَجَعَتْ لَا تَعُودُ الْحُرْمَةُ، وَلَا تَحِلُّ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فِي الْبَيْعِ، أَوْ دُخُولٍ فِي التَّزْوِيجِ أَوْ إخْدَامِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ إظْهَارٍ.
[قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ] ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَيْ مَنْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، كَمَا إذَا وَهَبَهَا لِوَالِدِهِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ، وَإِمَّا بِشِرَاءٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَمَا إذَا وَهَبَهَا لِمَحْجُورِهِ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ، وَأَرَادَ أَخْذَهَا بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْهِبَةِ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لِثَوَابٍ، وَقَبَضَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ثَوَابٌ إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَهُ فَغَيْرُ نِكَاحٍ لِوَطْءِ الْأَبِ لَهَا قَبْلُ بَلْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَتَحِلُّ أُخْتُهَا لِلْوَاهِبِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَبِيرًا رَشِيدًا، وَأَمَّا إذَا تَصَدَّقَ بِالْمَوْطُوءَةِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ، وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِكَسْرِ الدَّالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّةِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا فَلَوْ لَمْ تُحَزْ فَلَا تَحِلُّ الْأُخْتُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ، وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْزِ مَضَى فِعْلُهُ.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يُعَوَّضَ إلَخْ] أَيْ فَلَوْ انْتَفَى التَّعْوِيضُ وَالْفَوْتُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا، وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّوَابُ مُعَيَّنًا وَحَصَلَ عَقْدُ الْهِبَةِ فَيَحِلُّ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ حِينَئِذٍ [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ] أَيْ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ فَاسِدًا يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ، أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ كَنِكَاحِ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنٍ ثُمَّ أُجِيزَ وَكَنِكَاحِ ذِي عَيْبٍ أَوْ غَرَرٍ ثُمَّ رَضِيَ الْآخَرُ فَتَحِلُّ بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْبَالِغِينَ] إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَطْءَ الصَّبِيِّ لَا يُحَرِّمُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضٌ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي وَطْءِ الصَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute