للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ (فِي عِدَّتِهَا) بِصَرِيحِ اللَّفْظِ (وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنًى، وَيُبَاحُ خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ (بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ الْحَسَنِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِثْلُ إنِّي فِيك لَرَاغِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] ، وَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ نِسَائِهِ، وَهِيَ (وَمَنْ نَكَحَ) أَيْ تَزَوَّجَ عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ نِسَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا (بِكْرًا) صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (فَ) يُبَاحُ (لَهُ) ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَلَهَا بِالتَّأْنِيثِ (أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا) أَيْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ (دُونَ سَائِرِ نِسَائِهِ) ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَتُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالْقَدِيمَةِ (وَ) أَمَّا الْحُكْمُ (فِي الثَّيِّبِ) إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى نِسَائِهِ فَلَا يُقِيمُ عِنْدَهَا إلَّا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ وَظَاهِرُ النُّسْخَةِ الْأُولَى أَنَّ الْحَقَّ لِلزَّوْجِ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْمُقَامِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَعَلَى الْأُولَى يَكُونُ الْخِيَارُ لَهُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَالْأَصْلُ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» .

(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْوَطْءِ) كَلَامُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْبِكْرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمَكْرُوهٌ، وَلَا يَحْرُمُ كَمُوَاعَدَةٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ زِنًا مِنْهُ، وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ، أَيْ فِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ لَهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَفِي تَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا بِالنِّكَاحِ، وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ، وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى وَيُبَاحُ] أَيْ فَهُوَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ تت [قَوْلُهُ: بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ] ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْفِعْلِ كَالْإِهْدَاءِ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ جَوَازُهُ.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي الْهَدِيَّةُ فِي زَمَانِنَا أَقْوَى مِنْ الْمُوَاعَدَةِ، فَالصَّوَابُ حُرْمَتُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ جَرَى مِثْلُهَا قَبْلُ، وَأَمَّا إجْرَاءُ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا، فَإِنْ أَنْفَقَ أَوْ أَهْدَى ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمِثْلُهُ لَوْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ لِمَخْطُوبَةٍ غَيْرِ مُعْتَدَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ كَذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: أَيْ الْحَسَنِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَسَنَ شَرْعِيٌّ أَيْ يَكُونُ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ تَصْرِيحًا، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ وَصْفًا مُؤَكَّدًا؛ لِأَنَّ مَوْصُوفَهُ مُتَعَلِّقُ التَّعْرِيضِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ تَصْرِيحًا.

[قَوْلُهُ: بِهِ] أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ مِنْهُ أَيْ بِدُونِ صَرَاحَةٍ [قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ مَنْ يُمَيِّزُ] كَأَهْلِ الْعِلْمِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ] أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَفْهَمُ مِنْهُ التَّصْرِيحَ بِحَسَبِ زَعْمِهَا، وَيَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ: إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ فَالْجَوَازِ، ثَانِيهَا جَاهِلَيْنِ، ثَالِثُهَا هُوَ جَاهِلٌ، رَابِعُهَا عَكْسُهُ، فَالْمَنْعُ فِي الثَّلَاثِ وَمَحِلُّ جَوَازِ التَّعْرِيضِ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةِ مُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِهِ طَلَاقًا بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ إجْمَاعًا.

[قَوْلُهُ: عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ نِسَائِهِ] أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا الَّتِي تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ عِنْدَهَا، وَلَا الْبَيَاتُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ إضْرَارَهَا، فَعَلَيْهِ إزَالَتُهُ بِالْبَيَاتِ عِنْدَهَا أَوْ لِمُؤَانَسَةٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِبَيَاتِهِ عِنْدَهَا حَالَ يَحْرُسُهَا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ] أَيْ بِلَيَالِيِهَا فَإِنْ قُلْت كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُذَكَّرٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوُجُوبَ فِي حَالَةِ ذِكْرِ الْمَعْدُودِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْحَذْفِ فَيَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ، وَإِنَّمَا مُيِّزَتْ الْبِكْرُ عَنْ الثَّيِّبِ لِمَا عِنْدَهَا مِنْ الْوَحْشَةِ بِفِرَاقِ أَهْلِهَا، وَالْإِقَامَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُنَافِي الْخُرُوجَ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ، وَصَلَاتِهِ الْجُمُعَةَ وَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ فَيَبْدَأُ بِالسَّابِقَةِ فِي الدَّعْوَةِ لِلدُّخُولِ أَوْ بِالْعَقْدِ إنْ تَسَاوَتْ فِي الدَّعْوَةِ، وَإِلَّا قُرِعَ [قَوْلُهُ: عَلَى نِسَائِهِ] أَيْ جِنْسِ نِسَائِهِ أَوْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ حَقُّ الزَّوْجَةِ] ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ.

[قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ] لَا مَفْهُومَ لَهُمَا بَلْ كُلٌّ مُحَرَّمَتَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>