للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَلْمُسُهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى صَدْرِهَا وَلَا إلَى شَعْرِهَا (حَتَّى يُكَفِّرَ) بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوَّلُهَا (بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا طَرَفٌ مِنْ حُرِّيَّةٍ) أَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعِتْقِ الْقُرْبَةُ، وَعِتْقُ الْكَافِرِ يُنَافِيهَا، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ إنْ مَنَعَ مِنْ كَمَالِ الْكَسْبِ، كَقَطْعِ الْيَدِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ كَالْعَرَجِ الْخَفِيفِ، وَالْعَوَرِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ بَعْدُ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عَدَمِ الشَّرِكَةِ وَعَدَمِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَيَشْتَرِطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا احْتِرَازًا مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَأَنْ تَكُونَ خَالِيَةً عَنْ شَوَائِبِ الْعِوَضِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتِقَ عَنْ ظِهَارِهِ عَبْدًا عَلَى دِينَارٍ يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ مُشْتَرَاةً بِشَرْطِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا فَكَانَتْ كَالْهِبَةِ.

تَنْبِيهٌ:

لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَتَدَايَنَ وَاشْتَرَى رَقَبَةً وَأَعْتَقَهَا أَجْزَأَهُ كَمَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ فَتَرَكَهُ وَاغْتَسَلَ.

(فَإِنْ) عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ بِأَنْ (لَمْ يَجِدْ) رَقَبَةً وَلَا ثَمَنَهَا وَلَا قِيمَتَهَا (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَيَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا وَيُؤَدِّبُهُ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ كَوْنُهَا مَعَهُ فِي بَيْتٍ إنْ أُمِنَ وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا، بِشَرْطِ الِاسْتِتَارِ لِغَيْرِ وَجْهِهَا وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا لِجَوَازِ نَظَرِهِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا إلَى شَعْرِهَا أَيْ وَلَا كَفَّيْهَا وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّامِلِ: وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ إنْ أُمِنَ عَلَيْهَا وَلَهُ النَّظَرُ لِوَجْهِهَا وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا وَقِيلَ: يَجُوزُ اهـ.

قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّظَرَ لِلصَّدْرِ وَالشَّعْرِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْوَجْهُ، وَالرَّأْسُ، وَالْأَطْرَافُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا بِهَا اهـ.

وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَلَوْ كَفَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَهَذَا الْوُجُوبُ مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْعِصْمَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ، وَتَتَحَتَّمُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِوَطْئِهِ لِلْمُظَاهِرِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا سَوَاءٌ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَسَوَاءٌ قَامَتْ بِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَوْدِ فَقِيلَ: هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَقِيلَ: هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ إمْسَاكِ الْعِصْمَةِ [قَوْلُهُ: حَتَّى يُكَفِّرَ] غَايَةُ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ الْعَوْدَ ثُمَّ يَذْكُرَ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَّرَ قَبْلَ الْعَوْدِ لَا تُجْزِئُهُ.

[قَوْلُهُ: بِعِتْقِ رَقَبَةٍ] أَيْ لَا جَنِينٍ فَلَا يُجْزِئُ وَلَكِنْ يُعْتَقُ بَعْدَ وَضْعِهِ [قَوْلُهُ: أَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ إلَخْ] أَيْ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَصَغِيرِ الْكِتَابَةِ وَصَغِيرِ الْمَجُوسِيِّ كَكَبِيرِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ دِينَهُ، فَقَوْلُهُ: وَعِتْقُ الْكَافِرِ أَيْ الْكِتَابِيِّ الْكَبِيرِ كَالْكَبِيرِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: كَقَطْعِ الْيَدِ] أَيْ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ هُمَا أَوْ الْعَمَى أَوْ الْبُكْمِ أَوْ الْمَجْنُونِ، وَإِنْ قَلَّ أَوْ الْهَرَمِ الشَّدِيدِ أَوْ الْمَرَضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَكَالْمُشْرِفِ، وَكَذَا قَطْعُ أُصْبُعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْأُصْبُعُ خِنْصَرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَلَوْ زَائِدًا حَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الذَّهَابُ، وَلَوْ خِلْقَةً فَإِذَا ذَهَبَ الْأُنْمُلَتَانِ فَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ.

كَمَا فِي الْحَطَّابِ، وَكَذَا لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ أُذُنَيْنِ وَأَصَمُّ وَمُجْذَمٌ وَأَبْرَصُ وَأَفْلَحُ بِالْحَاءِ مَقْطُوعُ الشَّفَتَيْنِ، بِخِلَافِ ذِي الْمَرَضِ الْخَفِيفِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَالْعَرَجُ الْخَفِيفُ أَيْ وَأَمَّا الْعَرَجُ الشَّدِيدُ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عَدَمِ الشَّرِكَةِ إلَخْ] قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَعْتَقَ جَمِيعَهَا عَنْ ظِهَارِهِ، فَفِي الْإِجْزَاءِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ عَدَمُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْبَعْضَ وَأَكْمَلَ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ.

وَلَوْ كَانَ مَالِكًا لِلْجَمِيعِ فَأَعْتَقَ الْبَعْضَ لَمْ يُجْزِهِ [قَوْلُهُ: وَعَدَمِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ] فَلَا يُجْزِئُ مُكَاتَبٌ وَمُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَقِيلَ: بِالْإِجْزَاءِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ اشْتَرَى الْمُدَبَّرَ أَوْ الْمُكَاتَبَ فَأَعْتَقَهُ، مَضَى الْعِتْقُ وَلَمْ يَنْقَضِ الْبَيْعُ فَإِنْ قُلْنَا بِنَقْضِهِ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُمَا هُنَا [قَوْلُهُ: عَلَى دِينَارٍ يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ] وَأَمَّا بِمَا فِي يَدِهِ فَيُجْزِئُ؛ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا تَكُونَ مُشْتَرَاةً بِشَرْطِ الْعِتْقِ] أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُحَقَّقَةَ الصِّحَّةِ لَا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً مَقْطُوعَةَ الْخَبَرِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ مِنْ الْعِتْقِ] أَيْ وَقْتَ إخْرَاجِهَا [قَوْلُهُ: وَلَا ثَمَنَهَا] أَرَادَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>