للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَضَاعَةٍ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَكِنْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا.

، وَالْحَضَانَةُ تَكُونُ فِي النِّسَاءِ وَفِي الرِّجَالِ، وَلَهَا شُرُوطٌ مُشْتَرَكَةٌ وَمُخْتَصَّةٌ فَالْمُشْتَرَكَةُ الْعَقْلُ وَأَلَّا يَكُونَ زَمِنًا وَلَا عَاجِزًا وَأَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُنْثَى، وَأَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي دِينِهِ وَأَلَّا يَكُونَ بِهِ جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ مُضِرَّانِ وَأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ، وَالْمُخْتَصَّةُ بِالذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ الطِّفْلَ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ سُرِّيَّةٍ وَأَنْ يَكُونَ عَاصِبًا لَا غَيْرُهُ، إلَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَالْمُخْتَصُّ بِالْأُنْثَى أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ دَخَلَ بِهَا وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ عَلَيْهِ فَبِنْتُ الْخَالَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَيُعَاقَبُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ اهـ.

[قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى الْأَبِ] أَيْ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: فِي حَوْلَيْ رَضَاعِهِ] ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِهِ لِلْأُمِّ وَسَكَتَ عَنْهُ فِي جَانِبِ الْأَبِ، وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ [قَوْلُهُ: وَلَا مَالَ لَهُ] يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْأَبِ وَيَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الطِّفْلِ هَذَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَمُقْتَضَى مَا بَعْدَهُ تَرْجِيحُ الثَّانِي أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ [قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا] أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا.

وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ قَالَ عج، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْحَضَانَةَ تَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَبِ وَعَلَى الْأُمِّ بِشَرْطِهَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ وَلَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْحَاضِنِ، إذْ عَلَى الْأَوَّلِ يَسْتَوِي الْجَمِيعُ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَوِي الْجَمِيعُ أَيْضًا، فِي الْحُكْمِ قُلْت لَعَلَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ، وَالْأُمِّ بِشَرْطِهَا ثُمَّ إنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي وُجُوبِ الْحَضَانَةِ عَلَى الْأُمِّ غَيْرُ التَّفْصِيلِ فِي وُجُوبِ الرَّضَاعِ عَلَيْهَا، وَهُوَ يُفِيدُ اخْتِلَافَ الرَّضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ اهـ.

أَقُولُ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَالْحَضَانَةُ تَكُونُ فِي النِّسَاءِ، وَالرِّجَالِ الْمُبَيِّنُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ وَتَأْخِيرِ الْأَبِ بَعْدُ، وَأَنَّهَا تَسْتَمِرُّ فِي حَقِّ الذَّكَرِ لِلْبُلُوغِ وَفِي حَقِّ الْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَائِدٌ عَلَيْهَا لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْإِرْضَاعِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَبِ أَيْ فِي صُوَرِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَيْ أَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَهِيَ غَيْرُ شَرِيفَةٍ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ.

[قَوْلُهُ: فَالْمُشْتَرَكَةُ الْعَقْلُ] فَالْمَجْنُونُ، وَلَوْ غَيْرَ مُطْبَقٍ لَا حَضَانَةَ لَهُ، وَكَذَا مَنْ بِهِ طَيْشٌ [قَوْلُهُ: وَلَا عَاجِزًا] عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ هَذَا: وَالْكَفَاءَةُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَحْضُونِ، فَالزَّمِنُ، وَالْمُسِنُّ، وَالْأَعْمَى، وَالْأَخْرَسُ، وَالْأَصَمُّ لَا حَضَانَةَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ مَنْ يَحْضُنُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ حِرْزًا إلَخْ] أَيْ إمَّا مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَضَانَةِ فِي مُطِيقَةِ أَوْ مِنْ إطَاقَتِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُشْتَرَطُ حِرْزٌ مَكَانَهَا حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ، وَالْمَالِ فَلَا يُخْشَى سَرِقَةُ مَالِهَا.

وَمِثْلُ الْأُنْثَى الذَّكَرُ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي دِينِهِ] لَا إنْ كَانَ شِرِّيبًا يَذْهَبُ يَشْرَبُ وَيَتْرُكُ ابْنَتَهُ مَثَلًا يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ [قَوْلُهُ: وَأَلَّا يَكُونَ بِهِ جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ مُضِرَّانِ] وَأَمَّا الْخَفِيفُ فَلَا يَمْنَعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَلَّا تَقُومَ بِهِ الْعَاهَاتُ الْمُضِرَّةُ الَّتِي يُخْشَى حُدُوثُ مِثْلِهَا بِالْوَلَدِ، وَلَوْ جَرَبًا دَامِيًا وَحَكَّةً، فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ قُصُورٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَرَبَ يُدْمِي، وَالْحَكَّةَ لَا تُدْمِي، وَلَوْ كَانَ بِالْمَحْضُونِ أَيْضًا إذْ قَدْ يَحْصُلُ بِانْضِمَامِهِمَا زِيَادَةٌ فِي جُذَامِ الْمَحْضُونِ مَثَلًا.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا] أَيْ قَامَ بِهِ نَوْعٌ مِنْ الرُّشْدِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِلْمَالِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ لَهُ حِفْظٌ، وَيَكُونُ مَنْ يَحْضُنُهُ يَحْضُنُ مَعَهُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْقَسْوَةِ فَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ قِلَّةُ الْحَنَانِ، وَالشَّفَقَةِ إمَّا لِطَبْعِهِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْ الْمَحْضُونِ قُدِّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ [قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ] .

وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنَّهَا تُمْنَعُ أَنْ تُغَذِّيَ الطِّفْلَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ [قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ] أَيْ مِنْ زَوْجَةٍ مُسْتَوْفَاةٍ لِشُرُوطِ الْحَاضِنِ أَوْ سُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَةِ خِدْمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ كَذَلِكَ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ] إنَّمَا سَقَطَ حَقُّهَا حَيْثُ تَزَوَّجَتْ لِاشْتِغَالِهَا بِالزَّوْجِ عَنْ الطِّفْلِ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي السُّقُوطِ الدُّخُولُ إذْ قَبْلَهُ لَمْ يَحْصُلْ اشْتِغَالٌ عَنْ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ الدَّعْوَى لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ وَمَحِلُّ السُّقُوطِ بِالدُّخُولِ، وَالِانْتِقَالِ لِمَنْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدُّخُولِ وَبِالْحُكْمِ، وَيَسْكُتُ الْعَامَ وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ حَضَانَتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>