للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّ طَحْنَ هَذِهِ الْحُبُوبِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ أُصُولِهَا.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْعَجِينِ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ (وَالزَّبِيبُ كُلُّهُ) أَعْلَاهُ وَرَدِيئُهُ أَسْوَدُهُ وَأَحْمَرُهُ (صِنْفٌ) وَاحِدٌ يَجُوزُ فِيهِ التَّمَاثُلُ وَيَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ (وَ) كَذَلِكَ (التَّمْرُ) يَابِسُهُ (كُلُّهُ) عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا (صِنْفٌ) وَاحِدٌ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا، وَيَحْرُمُ مُتَفَاضِلًا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَالْقَطْنِيَّةُ) الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا (أَصْنَافٌ فِي) بَابِ (الْبُيُوعِ وَ) هَذَا لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ (اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا أَصْنَافٌ وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا صِنْفٌ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي) الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ (الزَّكَاةِ أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ)

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا اتَّحَدَ مِنْ الْأَجْنَاسِ وَاخْتَلَفَ مِنْ الْحُبُوبِ، وَالْقَطَانِيِّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ مَا اتَّحَدَ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

فَقَدْ أَرْبَى» .

وَقَالَ ك: وَتَمَسَّكَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَنِيَ عَلَفُ حِمَارِهِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ: خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِك فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إلَّا مِثْلَهُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ فَاشِيًّا بِأَنَّهَا جِنْسٌ.

وَتَكَلَّمَ مَالِكٌ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ عَلَيْهِمْ نَزَلَتْ أَوَّلًا، وَالنَّاسُ تَبَعٌ لَهُمْ فِيهَا فَيُلْتَفَتُ إلَى عَوَائِدِهِمْ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَمْحَ، وَالشَّعِيرَ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ السُّلْتَ يَلْحَقُ بِهِمَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ اهـ كَلَامُ التَّحْقِيقِ، وَالشَّيْخُ زَرُّوقٌ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ قَالَ: وَفِي إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي السُّلْتِ مِثْلُهُمَا نَظَرٌ، وَالْأَظْهَرُ عَدَمُهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ] الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ. [قَوْلُهُ: بَيْعُ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا] أَيْ وَأَمَّا مُتَمَاثِلًا فَيَجُوزُ، وَهَلْ الْجَوَازُ إنْ وَزْنًا هُوَ حَمْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا أَيْ وَزْنًا أَوْ كَيْلًا وَهُوَ حَمْلُ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْعَجِينِ] فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَجِينِ بِالدَّقِيقِ لَكِنْ يُتَحَرَّى مَا فِي الْعَجِينِ مِنْ الدَّقِيقِ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ.

[قَوْلُهُ: وَالزَّبِيبُ] ، وَكَذَا الْعِنَبُ كُلُّهُ جِنْسٌ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِمَّا ذَكَرَ التَّمَاثُلُ وَيَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ. [قَوْلُهُ: أَعْلَاهُ] أَيْ جَيِّدُهُ. [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ التَّمْرُ يَابِسُهُ] لَا يَخْفَى أَنَّ التَّمْرَ لَا يَكُونُ إلَّا يَابِسًا فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَابِسُهُ بِالضَّمِيرِ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ الْيَابِسُ فَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ، وَيُجَابُ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّمْرَ صِنْفٌ، وَالرُّطَبَ صِنْفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ إمَّا بَلَحٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ بُسْرٌ أَوْ رُطَبٌ أَوْ تَمْرٌ، فَالْأَقْسَامُ خَمْسَةٌ لَا سِتَّةٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا عَشْرَةٌ وَبَاقِي ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ بَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعِ بَعْدَهُ، وَبَيْعُ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالثَّلَاثِ بَعْدَهُ، وَبَيْعُ الْبُسْرِ بِمِثْلِهِ وَبِالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ، وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ وَبِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْجَائِزُ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالْأَرْبَعِ بَعْدَهُ.

وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ، وَأَمَّا مَا بَلَغَ حَدَّ الرَّامِخِ فَهُوَ رِبَوِيٌّ بِخِلَافِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ فَلَيْسَ بِطَعَامٍ أَصْلًا، وَأَمَّا الطَّلْعُ، وَالْإِغْرِيضُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنَوْعِهِ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ، وَالتَّنَاجُزِ إلَّا الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ فَلَا يُبَاعُ الْقَمْحُ الْيَابِسُ بِالْبَلِيلَةِ وَلَا الْفُولُ الْيَابِسُ بِالنَّابِتِ وَلَا النَّبِيذُ بِالتَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبُ مُتَمَاثِلًا وَأَوْلَى مُتَفَاضِلًا بِخِلَافِ الْخَلِّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِهَا، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِبُعْدِ الْخَلِّ عَنْ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ.

وَأَمَّا الْخَلُّ، وَالنَّبِيذُ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مَعَ التَّمَاثُلِ، وَالتَّنَاجُزِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ لِقُرْبِ الْخَلِّ مِنْ النَّبِيذِ. [قَوْلُهُ: قَدِيمًا وَجَدِيدًا إلَخْ] فَيَجُوزُ فِيهِ التَّمَاثُلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يُبَاعُ جَدِيدٌ بِقَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ جَافٌّ بِرَطْبٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا صِنْفٌ إلَخْ] رِفْقًا بِالْفُقَرَاءِ. وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَيْ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهَا أَصْنَافٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ يُقَدَّمُ مَا فِيهَا عَلَى الْمَوَّازِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا فِي تت أَنَّهُ قِيلَ إنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي الْبَابَيْنِ، وَقُلْ: أَصْنَافٌ فِيهِمَا، وَقِيلَ: صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَأَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْأُرْزُ، وَالدَّخَنُ، وَالذُّرَةُ أَجْنَاسٌ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْبُيُوعِ، وَالزَّكَاةِ، وَمَحَلُّ مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الْمُقْتَاتُ مُقَيَّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>