للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبَصَلِ امْتَنَعَ التَّفَاضُلُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْإِدَامِ، وَالطَّعَامِ) تَكْرَارٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَالشَّرَابِ) مِثْلُ الْعَسَلِ، وَالْخَلِّ أَيْ: يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ (إلَّا الْمَاءِ وَحْدَهُ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَبَيْعُهُ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا.

خَامِسُهَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشَّرَابِ (وَمِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ، وَالثِّمَارِ بِالطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ) لِحَدِيثِ «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» .

سَادِسُهَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ (إلَّا فِي الْخُضَرِ، وَالْفَوَاكِهِ) وَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُنَاجَزَةً أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا هُوَ فَقَالَ: (وَالْقَمْحُ، وَالشَّعِيرُ، وَالسُّلْتُ) وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الشَّعِيرِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ كَأَنَّهُ حِنْطَةٌ (كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَيَحْرُمُ) الْكَافُ زَائِدَةٌ، مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: هُمَا جِنْسَانِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَدَلِيلُ كُلٍّ نَقَلْنَاهُ فِي الْأَصْلِ. ابْنُ بَشِيرٍ: اتَّفَقَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنَّ الْعِلَّةَ الِادِّخَارُ فَقَطْ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ. [قَوْلُهُ: مِثْلُ الْعَسَلِ] الْعَسَلُ الْمُخْتَلِفُ الْأَصْلِ أَجْنَاسٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي اسْتِعْمَالِهَا، وَأَمَّا الْخُلُولُ فَكُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الْحُمُوضَةُ كَمَا أَنَّ الْأَنْبِذَةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهَا الشُّرْبُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّبِيذِ مَا بَقِيَ عَلَى حَلَاوَتِهِ وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى الْحُمُوضَةِ كَمَا فِي بَهْرَامَ. [قَوْلُهُ: إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ] اعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَذْبُ هُوَ مَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالْقَيْسُونِيِّ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَثَانِيهِمَا الْأُجَاجُ وَهُوَ مَا لَا يُشْرَبُ لِمَرَارَتِهِ كَالْبَحْرِ الْمَالِحِ وَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ، فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ.

وَأَمَّا بَيْعُ الْمَاءِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ جَازَ، وَلَوْ إلَى أَجَلٍ، وَأَمَّا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا بِالْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا يَدًا بِيَدٍ، وَيَمْتَنِعُ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُعَجَّلَ فَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ هُوَ الْكَثِيرَ فَفِيهِ تُهْمَةُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا] أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: مَسْأَلَةِ التَّفَاضُلِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ، وَالْخِلَافُ فِي الْعَذْبِ كَمَا أَفَادَهُ صَرِيحُ بَعْضِهِمْ، فَالْمُقَابَلُ فِي الْأَوَّلِ جَعَلَهُ رِبَوِيًّا خَرَّجَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ مَنَعَ بَيْعَهُ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ التَّخْرِيجَ بِأَنَّ رِبَا النَّسَاءِ أَعَمُّ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ رِبَا الْفَضْلِ.

[قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ إلَخْ] أَيْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» .

[قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْخُضَرِ، وَالْفَوَاكِهِ] شَمَلَ كَلَامُهُ مَا يُدَّخَرُ مِنْهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا فِيمَا يُدَّخَرُ مِنْ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ لَكِنْ قَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّفَاضُلِ فِيهَا، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْخُضَرِ، وَالْفَوَاكِهِ وَبَيْنَ مَنْعِهِ فِي الطَّعَامِ أَنَّ الطَّعَامَ فِيهِ الِاقْتِيَاتُ، وَالِادِّخَارُ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ، وَإِنْ اُدُّخِرَ بَعْضُهُ لَا يُقْتَاتُ غَالِبًا. [قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ] عَلَّلَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَحُكْمُ الْمُسْتَثْنَى عُلِمَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا مَعَ الْفَوَاكِهِ الْخُضَرَ وَذَكَرَ مَعَهَا هُنَاكَ الْبُقُولَ اهـ.

[قَوْلُهُ: ضَرْبٌ] أَيْ نَوْعٌ [قَوْلُهُ: كَجِنْسٍ وَاحِدٍ] أَيْ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ. وَقَوْلُهُ: فِيمَا يَحِلُّ أَيْ مِنْ التَّمَاثُلِ، وَالتَّنَاجُزِ. وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَيْ مِنْ عَدَمِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: الْكَافُ زَائِدَةٌ] أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ أَيْ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، وَأَمَّا اتِّحَادُ جِنْسِيَّةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَفِيهَا خِلَافٌ فَلَمْ يَلْزَمْ اتِّحَادٌ. [قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ كُلٍّ نَقَلْنَاهُ فِي الْأَصْلِ] عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ. قَالَ السُّيُورِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ: إنَّهُمَا جِنْسَانِ أَيْ الْقَمْحَ، وَالشَّعِيرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>