للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَضْلِ فِي الطَّعَامِ الِاقْتِيَاتُ، وَالِادِّخَارُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَا حَدَّ لِلِادِّخَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. ثَانِيهِمَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ طَعَامٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِهِ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ أَوْ لَا يُدَّخَرُ) ثَالِثُهَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِ) جَوَازِ (بَيْعِ الْفَوَاكِهِ وَ) بَيْعِ (الْبُقُولِ، وَمَا لَا يُدَّخَرُ مُتَفَاضِلًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ) ع: اُنْظُرْ قَوْلَهُ، وَمَا لَا يُدَّخَرُ هَلْ هُنَاكَ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَمْ لَا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُدَّخَرُ تَفْسِيرًا يَعْنِي وَهُوَ مَا لَا يُدَّخَرُ.

وَذَكَرَ احْتِمَالًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْفَوَاكِهُ الَّتِي لَا تُدَّخَرُ أَصْلًا كَالتُّفَّاحِ، وَالْمِشْمِشِ يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ تُدَّخَرُ نَادِرًا فِي قُطْرٍ دُونَ قُطْرٍ كَالْكُمَّثْرَى يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَتْ تُدَّخَرُ غَالِبًا كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِيمَا يُدَّخَرُ مِنْ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ) مَا قَالَهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ التَّفَاضُلِ فِيهَا مُنَاجَزَةً، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ.

وَأَمَّا الْبُقُولُ إنْ كَانَتْ لَا تُدَّخَرُ أَصْلًا كَالْخَسِّ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُدَّخَرُ غَالِبًا وَتُدَّخَرُ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَاللِّفْتِ بِالْخَلِّ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَتْ تُدَّخَرُ غَالِبًا كَالثُّومِ

ــ

[حاشية العدوي]

الرِّبَوِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا اتَّحَدَتْ فِي الْوَاقِعِ صَحَّ الْأَخْذُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. [قَوْلُهُ: إنَّ عِلَّةَ إلَخْ] أَيْ عَلَامَةَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُؤَثِّرَةَ إذْ الْمُؤَثِّرُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ.

[قَوْلُهُ: رِبَا الْفَضْلِ] وَأَمَّا عِلَّةُ حُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ فَهِيَ مُطْلَقُ الطَّعْمِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ لَا لِلتَّدَاوِي، وَأَمَّا عِلَّةُ حُرْمَةِ رِبَا الْمُزَابَنَةِ فَهِيَ الْغَرَرُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَانْظُرْهُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَرُمَ.

وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَطْعُومِ. [قَوْلُهُ: الِاقْتِيَاتُ] مَعْنَاهُ قِيَامُ بِنْيَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَمَعْنَى الِادِّخَارِ عَدَمُ فَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْأَمْرِ الْمُبْتَغَى مِنْهُ عَادَةً، فَلَوْ اُدُّخِرَ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ كَالْبِطِّيخِ، وَالتُّفَّاحِ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، وَالِادِّخَارُ إمَّا بِالشَّخْصِ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ بِالنَّوْعِ كَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا بِشَخْصِهِ إلَّا أَنَّهُ مَوْجُودٌ بِالنَّوْعِ، فَبَقَاءُ النَّوْعِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فَهُوَ، وَإِنْ لَمْ يُدَّخَرْ فَهُوَ مَوْجُودٌ نَوْعًا، وَيُجْلَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ، وَالِاقْتِيَاتُ، وَالِادِّخَارُ، وَالْإِصْلَاحُ فِي الْمُصْلِحِ مِنْ فِلْفِلٍ وَمِلْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ:

إنَّمَا كَانَ الِاقْتِيَاتُ، وَالِادِّخَارُ عِلَّةً لِحُرْمَةِ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ لِخَزْنِ النَّاسِ لَهُ حِرْصًا عَلَى طَلَبِ وُفُورِ الرِّبْحِ فِيهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالُ الِاقْتِيَاتِ، وَالِادِّخَارِ، وَغَلَبَةِ الْعَيْشِ، وَالِاقْتِيَاتِ فَقَطْ، وَالِادِّخَارُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا فَقَطْ، فَالتِّينُ، وَالزَّيْتُ، وَالْبَيْضُ، وَالْجَرَادُ رِبَوِيَّةٌ. [قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِلِادِّخَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ التَّادَلِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ فِي بَعْضِ الْمَجَالِسِ أَنَّ حَدَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ. [قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ جِنْسِهِ] كَقَمْحٍ مَثَلًا. [قَوْلُهُ: كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ] كَالْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يُدَّخَرُ كَالرُّمَّانِ، وَالْبِطِّيخِ لِدُخُولِ رِبَا النَّسَاءِ فِي كُلِّ الْمَطْعُومَاتِ فَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْبَوَادِي مِنْ شِرَاءِ الْبَصَلِ وَنَحْوِهِ مِنْ عَلَى الْبَابِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ وَيَأْتُونَ بِالطَّعَامِ لَيْسَ بِجَائِزٍ ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ. [قَوْلُهُ: بِجَوَازِ بَيْعِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لَا بَأْسَ بِمَعْنَى يَجُوزُ.

[قَوْلُهُ: وَذَكَرَ احْتِمَالًا آخَرَ] وَهُوَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعِنَبَ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ عَلَى قَوْلٍ بِعَدَمِ جَرَيَانِ الرِّبَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ التَّمْرُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ؛ لِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَمْ لَا، وَهَلْ يُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ أَوْ بِحَالِهِ، فَمَنْ اعْتَبَرَهُ بِأَصْلِهِ أَجْرَى فِيهِ الرِّبَا، وَمَنْ اعْتَبَرَهُ بِحَالِهِ لَمْ يُجْرِ فِيهِ الرِّبَا اهـ.

وَبَعْضُهُمْ قَالَ: بَيْعُ الْفَوَاكِهِ كَالْخَوْخِ، وَالْمِشْمِشِ. وَقَوْلُهُ: وَالْبُقُولُ كَالْخَسِّ، وَالْهُنْدُبَا مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهِ. وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يُدَّخَرُ أَيْ وَكُلُّ مَا لَا يُدَّخَرُ مِنْ الْخُضَرِ وَهِيَ كُلُّ مَا يَخْرُجُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ كَالْمُلُوخِيَّةِ، وَالْأَمْرُ وَاضِحٌ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِادِّخَارُ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ] مَبْنِيٌّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>