الْمَشْهُورِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ (حَمْلًا ظَاهِرًا) فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ حِمْلِهَا، وَقَيَّدْنَا بِالْعَلْيَاءِ احْتِرَازًا مِنْ الْوَخْشِ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ حِمْلِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ ظَاهِرًا أَمْ لَا، إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّيِّدِ وَكَانَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهِيَ مَرِيضَةٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَلْيَاءِ وَغَيْرِهَا كَثْرَةُ الْغَرَرِ فِيهَا وَقِلَّتُهُ فِي الْوَخْشِ إذْ الْعَلِيَّةُ يَحُطُّ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا إذَا ظَهَرَ بِهَا بِخِلَافِ الْوَخْشِ (وَالْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ جَائِزَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الرَّقِيقِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ) أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا وَتَبَرَّأَ مِنْهُ فَلَا يُفِيدُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُجْمِلُ فِي الْبَيَانِ.
وَالْآخَرُ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا مَثَلًا فَبَاعَهُ بِقُرْبِ مَا اشْتَرَاهُ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَإِنَّهُ لَا
ــ
[حاشية العدوي]
خَفِيَّتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ أَوْ اسْتَبْرَأَ جَازَ التَّبَرِّي فِي ظَاهِرَتِهِ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا، وَفِي خَفِيَّتِهِ فِي الْوَخْشِ دُونَ الْعَلِيَّةِ وَأَمَّا إذَا قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ امْتَنَعَ فِي ثَمَانِ صُوَرٍ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا وَطِئَهَا ادَّعَى اسْتِبْرَاءً أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ يُقْصَدُ مِنْ الْبَهِيمَةِ كَثِيرًا، وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ لِنَقْصِ ثَمَنِهَا بِالْوَطْءِ غَالِبًا.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فُسِخَ وَيَلْزَمُ مِنْ الْفَسْخِ بُطْلَانُ الشَّرْطِ، وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ بِعَدَمِ الْفَسْخِ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ حَمْلًا ظَاهِرًا] جَعَلَ حَمْلًا فِي الْمَتْنِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا، عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي الْحَمْلِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا الْحَمْلِ بِالْجَرِّ بَدَلَ مِنْ الْحَمْلِ الْمَجْرُورِ بِمِنْ وَهُوَ الْأَوْلَى فِي الْمُسْتَثْنَى بَعْدَ النَّفْيِ أَوْ شَبَهِهِ. [قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّيِّدِ] أَيْ وَمَحَلُّ جَوَازِ التَّبَرِّي مِنْ الْحَمْلِ الظَّاهِرِ مُطْلَقًا، وَالْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ سَيِّدِهَا بَلْ إذَا وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ لَا يَجُوزُ التَّبَرِّي مِنْ حِمْلِهَا. [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ فِي السَّادِسِ أَوْ السَّابِعِ يَجُوزُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا، كَانَتْ مِمَّا يَعْقِلُ أَمْ لَا، وَالتَّفْصِيلُ، أَيْ بَيْنَ الَّتِي كَمَّلَتْ سِتَّةً أَوْ لَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُتَوَلِّيَةَ لِلْعَقْدِ، أَيْ بَائِعَةً لَا مَعْقُودًا عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الظَّاهِرِ، وَالْخَفِيِّ فِي الرَّائِعَةِ حَيْثُ جَازَ التَّبَرِّي فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قُلْت هُوَ الْغَرَرُ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجُوزُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ فَلَا غَرَرَ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: وَالْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ] أَيْ بِأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مُشْتَرِيهِ عَدَمَ رَدِّهِ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ يَظْهَرُ كَإِبَاقٍ أَوْ سَرِقَةٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ يُرِيدُ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَلَا تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَمْلِ إلَّا حَمْلًا ظَاهِرًا فَإِنْ تَبَرَّأَ أَوْ حَصَلَ عَيْبٌ فِيهِ فَعَلَى الْبَائِعِ الْيَمِينُ لِلْمُبْتَاعِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ أَوَّلًا وَقِيلَ لَا تُرَدُّ عَلَيْهِ اهـ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الرَّقِيقِ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُمْكِنُهُ التَّحَيُّلُ بِكَتْمِ عُيُوبِهِ أَوْ بَعْضِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَحَيُّلٌ فَلَا يَجُوزُ لِبَائِعٍ نَحْوُ جَمَلِ التَّبَرِّي مِنْ عَيْبِهِ فَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ فِيهِ بَاطِلٌ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فَمَتَى ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَثَبَتَ قَدَمُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْعَقْدِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ تَبَرَّأَ الْبَائِعُ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَقِيلَ تُفِيدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ. [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَخْ] يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الرَّقِيقَ مُبَاعٌ، وَأَمَّا عَبْدُ الْقَرْضِ فَلَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِيهِ لَا أَخْذًا وَلَا رَدًّا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِدُخُولِهِ عَلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَدَائِهِ إلَى تُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجْمُلُ فِي الْبَيَانِ] فَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا كَالْعَوَرِ، وَالْقَطْعِ فَيُرِيهِ لَهُ وَنَحْوُ الْإِبَاقِ، وَالسَّرِقَةِ وَصَفَهُ وَصْفًا شَافِيًا بَعْدَ بَيَانِ أَنَّهُ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ يَأْبَقُ أَوْ يَسْرِقُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُفَصِّلُ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: أَبَقَ عِنْدِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ سَرَقَ مِرَارًا الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رُبَّمَا يَغْتَفِرُ سَرِقَةَ نَحْوِ الرَّغِيفِ، وَلَا يَكْفِي الْإِجْمَالُ بِأَنْ يَقُولَ فِيهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ، وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ فَقِيلَ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمُتَفَاحِشِ، وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ، وَالنَّقْلُ يُوَافِقُهُ. وَقِيلَ: لَا يَنْفَعُهُ مُطْلَقًا.
قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي الْيَسِيرِ، وَالْكَثِيرِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. [قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute