(وَلَا يُنْقَدُ فِيهِ بِشَرْطٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ وَتَارَةً سَلَفًا إنْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّقْدَ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَائِزٌ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ مَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ مَكَانُهُ) أَيْ مَكَانَ الْبَيْعِ الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَقَارًا كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمَيْنِ (أَوْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ الْغَائِبُ بَعِيدًا بُعْدًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ وَهُوَ (مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ) غَالِبًا (مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ شَجَرٍ فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْعَيْنِ بِشَرْطٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ مَعَ الْعَبْدِ، وَقَيَّدْنَا الْبُعْدَ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ احْتِرَازًا مِنْ الْمُتَفَاحِشِ كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا
(، وَالْعُهْدَةُ) وَهِيَ تَعَلُّقُ ضَمَانِ الْمَبِيعِ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِمَّا يُصِيبُهُ فِي مُدَّةٍ خَاصَّةً (جَائِزَةٌ) يَقْضِي بِهَا (فِي
ــ
[حاشية العدوي]
رُؤْيَتِهِ عُسْرٌ أَوْ فَسَادٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْخِيَارِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا امْتَنَعَ مَعَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَنًا وَأَلَّا يُسَلَّمَ فَيَكُونُ سَلَفًا. [قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّقْدَ إلَخْ] هَذَا حَيْثُ بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَنْ رَأَيْت مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، أَوْ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَأَخَذَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ الْعَصْرِ مِنْ الْعِلَّةِ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْرَبَ مَكَانُهُ إلَخْ] .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَبِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، وَأَمَّا بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ فِي الْعَقَارِ مُطْلَقًا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ أَيْ غَيْرُ بَعِيدٍ جِدًّا وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَرْعِ الدَّارِ فِي وَصْفِهَا دُونَ وَصْفِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ مَكَانُهُ وَهُوَ يَوْمَانِ ذَهَابًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَيُشْتَرَطُ أَلَّا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَكَذَا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا] أَيْ بَيْعُ الْبَتِّ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ فَجَائِزٌ وَقَوْلُهُ أَصْلًا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ.
تَنْبِيهٌ:
لَمْ يَذْكُرْ ضَمَانَ الْغَائِبِ، وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ عَقَارًا وَأَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا قَرُبَ مَكَانُهُ أَوْ بَعُدَ حَيْثُ بِيعَ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا بِيعَ مُذَارَعَةً فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ: وَلِي وَقْفَةٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ جُزَافًا مَعَ غَيْبَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ وَغَيْرِ الْعَقَارِ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَكَذَا الْعَقَارُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ وَإِلَّا عَمِلَ بِالشَّرْطِ، وَتَحْصِيلُ الْغَائِبِ وَإِحْضَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُ بَيْعَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعَلُّقُ إلَخْ] هَذَا مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيُّ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَأَشَارَ لَهُ اللَّقَانِيُّ بِقَوْلِهِ: الْعُهْدَةُ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَهْدِ وَهُوَ الْإِلْزَامُ، وَالِالْتِزَامُ اهـ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَلُّقُ إلَخْ كَوْنُ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ. [قَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ خَاصَّةٍ إلَخْ] حَتَّى الْمَوْتِ مَا عَدَا ذَهَابَ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ كَانَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ لِنَفْسِهِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِ مَالِهِ. [قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَازَ يَرْجِعُ لِاشْتِرَاطِهَا أَوْ حَمْلِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا، أَوْ اعْتِبَارِهَا عِنْدَ جَرْيِ الْعَادَةِ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَقْبَلَهُ الْبَائِعُ. [قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِهَا] لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْجَوَازِ الْقَضَاءُ أَتَى بِهِ، وَهَذَا بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَالْفِقْهِ وَإِلَّا فَالْمَجْرُورُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ بِكَوْنٍ عَامٍّ أَيْ ثَابِتَةً وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ أَوْ مِنْ