للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّقِيقِ) خَاصَّةً دُونَ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلَى كِتْمَانِ مَا بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُ عَيْبَهُ كَرَاهِيَةً فِي الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا يَقْضِي بِهَا إلَّا (إنْ اُشْتُرِطَتْ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً بِالْبَلَدِ) أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَقْضِي بِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: صُغْرَى فِي الزَّمَانِ كُبْرَى فِي الضَّمَانِ، وَكُبْرَى فِي الزَّمَانِ صُغْرَى فِي الضَّمَانِ (فَ) الْأُولَى (عُهْدَةُ الثَّلَاثِ) أَيْ، ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، مِنْ اسْتِقْبَالِ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَإِذَا اشْتَرَى نَهَارًا أَلْغَى ذَلِكَ الْيَوْمَ وَاسْتَقْبَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَمِنْ يَوْمِ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَهَذِهِ (الضَّمَانُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ وَجَدَ دَاءً فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ رَدَّهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ وَجَدَ دَاءً بَعْدَ الثَّلَاثَةِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ وَكَذَلِكَ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ عَلَيْهِ وَغَلَّتُهُ لَهُ» .

(وَ) الثَّانِيَةُ (عُهْدَةُ السَّنَةِ) وَهِيَ جَائِزَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بَعْدَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَالضَّمَانُ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ (مِنْ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (الْجُنُونُ) الَّذِي يَكُونُ بِمَسِّ جَانٍّ لَا مَا يَكُونُ

ــ

[حاشية العدوي]

حَيْثُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً. [قَوْلُهُ: دُونَ الْحَيَوَانِ] مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ خَاصَّةً إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيضَاحَ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْعُيُوبِ] أَلْ لِلْجِنْسِ. [قَوْلُهُ: كَرَاهِيَةً فِي الْمُشْتَرِي] أَيْ فَيُخْفِيهِ يُرِيدُ ضَرَرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْبَائِعِ ظَاهِرٌ. [قَوْلُهُ: إنْ اُشْتُرِطَتْ] أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ يَحْمِلْ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى الْعُهْدَةِ إذَا لَمْ يَجْرِ بِهَا عَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَ إنَّمَا هُوَ ضَمَانُ الدَّرَكِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا] أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِذَلِكَ، وَإِنْ صَارَ عَادَةً بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا حَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُعْتَادَةً بِتَكَرُّرِهَا. [قَوْلُهُ: أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْوَاجِبُ ثَلَاثَ لَيَالٍ لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْعَدَدِ قُلْت: الْمَعْدُودُ إذَا حُذِفَ يَجُوزُ تَذْكِيرُ الْعَدَدِ وَتَأْنِيثُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا. [قَوْلُهُ: أَلْغَى ذَلِكَ الْيَوْمَ] أَيْ فَيُلْغَى الْيَوْمُ الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْخِيَارِ] لَا يَخْفَى أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي أَيَّامِ الْمُوَاضَعَةِ فَالزَّمَانُ يُحْسَبُ لَهُمَا فَإِذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ الْعُهْدَةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ انْتَظَرَتْهُ [قَوْلُهُ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] أَيْ بِلَيَالِيِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ دَاءً فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ] لَعَلَّ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا الْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، فَالْمُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَ كَوْنُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، وَالْمُرَادُ أَيُّ حَادِثٍ، وَلَوْ مَوْتًا أَوْ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ أَوْ قَتْلَ نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ] أَيْ فَتَشْهَدُ إمَّا مُعْتَمِدَةً عَلَى رُؤْيَةٍ أَوْ إخْبَارٍ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ عَادَةٍ قَاطِعَةٍ أَوْ لِحَادِثَةٍ بِحُدُوثِ زَمَنِهَا [قَوْلُهُ: أَنَّهُ اشْتَرَاهُ] أَيْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ هَذَا الدَّاءَ حَدَثَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَهُوَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ دَاءٌ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَدْرِي هَلْ حَدَثَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ تَقْطَعَ عَادَةٌ، وَأَوْلَى شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ إخْبَارٍ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تُظَنُّ عَادَةٌ بِحُدُوثِهِ زَمَنَهَا فَمِنْ الْبَائِعِ دُونَ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى وَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قَطَعْت بِأَنَّ بَعْدَهَا فَمِنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الْبَائِعِ كَأَنْ ظَنَّتْ أَوْ شَكَّتْ مَعَ يَمِينِ الْبَائِعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عُهْدَةِ السُّنَّةِ. وَقَوْلُهُ: وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ آخِرَ الْحَدِيثِ. [قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُ] أَيْ مَا يَقِيهِ مِنْ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَغَلَّتُهُ لَهُ] وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا جَنَى إنْسَانٌ عَلَى الْمَبِيعِ زَمَنَ الْعُهْدَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ، وَكَذَا مَا وَهَبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ فَإِنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِهَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ] لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ جَائِزَةٌ يَقْضِي بِهَا؛ لِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْعُهْدَةِ مُطْلَقًا. [قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ] أَيْ دَلِيلُنَا عَلَى الْعُهْدَةِ الْمَذْكُورَةِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَذَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ أَفَادَهُ التَّوْضِيحُ. [قَوْلُهُ: يُسْتَقْبَلُ بِهَا إلَخْ] بَلْ وَتَكُونُ بَعْدَ الْمُوَاضَعَةِ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: بِمَسِّ جَانٍّ] أَيْ أَوْ بِطَبْعٍ [قَوْلُهُ: لَا مَا يَكُونُ مِنْ ضَرْبَةٍ] أَيْ أَوْ طَرْبَةِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>