تَنْبِيهٌ:
ك: قَوْلُهُ يَقْبِضُهُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَهُوَ رِوَايَتُنَا، وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ فَقَبَضَهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، فَعَلَى الْمُضَارِعِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الْمَاضِي يَكُونُ الْأَمْرُ مُبْهَمًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ أَصْلَ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ) أَيْ مَالِ السَّلَمِ (مِنْ جِنْسِ مَا أُسْلِمَ فِيهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَقِنْطَارِ حَدِيدٍ فِي قِنْطَارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَوْ كَانَ أَنْقَصَ كَثَوْبَيْنِ فِي ثَوْبٍ مِنْ جِنْسِهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ
وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مِثْلَ السَّلَمِ فِيهِ صِفَةً وَقَدْرًا فَيَجُوزُ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ) تَكْرَارٌ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جِنْسِ السَّلَمِ فِيهِ فِي الْخِلْقَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ كَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْبِغَالِ أَوْ رَقِيقِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مُتَقَارِبَةٌ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.
وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ سَلَمِ الشَّيْءِ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يُقْرَضَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْقَوْلُ بِالْفَسْخِ هُوَ الرَّاجِحُ فَالرَّاجِحُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّحْدِيدِ بِنِصْفِ الشَّهْرِ إنْ كَانَ يُقْبَضُ فِي بَلَدٍ الْعَقْدُ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ يُقْبَضُ بِبَلَدٍ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيَكْتَفِي مَسَافَةَ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: إذَا سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ فَسَدَ السَّلَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَجَلٌ مَعْلُومٌ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ سَكَتَ عَنْ بَيَانِ صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ، وَكَمَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِالزَّمَانِ يَجُوزُ بِغَيْرِهِ كَالْحَصَادِ أَوْ الدِّرَاسِ، وَيُعْتَبَرُ مِيقَاتُ مُعْظَمِ مَا ذُكِرَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَمَا ذُكِرَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ.
[قَوْلُهُ: دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ] أَيْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ بِبَلَدِ السَّلَمِ [قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ] الْحَاصِلُ أَنَّ دَفْعَ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ كَعَكْسِهِ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ، وَالنَّقْدَيْنِ، وَالْعِلَّةُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ فَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ، وَالنَّقْدَيْنِ وَهُوَ قَرْضٌ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى لَفْظِ السَّلَمِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَرْضِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَمَحُّضُ النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ، وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ، وَالنَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَمَحَّضَ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ [قَوْلُهُ: وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ، وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ بِالْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا أَوْ الصِّغَرِ، وَالْكِبَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مَحَلُّ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ اخْتِلَافٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ، أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ، فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الصَّغِيرُ كَبِيرًا أَوْ يَلِدَ فِيهِ الْكَبِيرُ صَغِيرًا مُنِعَ لِأَدَائِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: اضْمَنْ لِي هَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ فَفِي ذِمَّتِك، وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك ضَمَانُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَفِي الثَّانِي إلَى الْجَهَالَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا عَلَى صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ.
وَالِاخْتِلَافُ فِي الْحُمُرِ بِالْفَرَاهَةِ وَهِيَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا فَرَاهَةَ فِيهِمَا، وَالْبِغَالُ مِنْ جِنْسِ الْحَمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَفِي الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ لَا بِالْهَمْلَجَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيْرِ إلَى أَنْ يَنْضَمَّ لَهَا الْبَرْذَنَةُ بِأَنْ يَصِيرَ جَافِيَ الْأَعْضَاءِ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْهِمْلَاجِ الْغَلِيظِ جَافِي الْأَعْضَاءِ فِي مُتَعَدِّدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِي الْجِمَالِ بِكَثْرَةِ الْحَمْلِ، وَفِي الْبَقَرِ بِقُوَّةِ الْعَمَلِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّ الْبَقَرَ، وَالْجَوَامِيسَ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ فِي الْأَمْصَارِ كَمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْمَعْزُ، وَالضَّأْنُ، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ اخْتِلَافَ الضَّأْنِ بِكَثْرَةِ الصُّوفِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَخْتَلِفُ بِبُلُوغِ الْغَايَةِ فِي الْغَزْلِ أَوْ الطَّبْخِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ الْكِتَابَةِ، وَالطَّيْرُ بِالتَّعْلِيمِ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا بِالْبَيْضِ، وَالذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ اُنْظُرْ شُرَّاحَ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: فَأَجَازَ ذَلِكَ] وَيَجُوزُ أَيْضًا سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ، وَيَجُوزُ سَلَمُ رَقِيقِ الْغَزْلِ فِي غَلِيظِهِ وَعَكْسُهُ [قَوْلُهُ: اقْتَصَرَ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمُخْتَصَرِ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ سَلَمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute