للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّرَاهِمِ مَا كَانَ مَسْكُوكًا) أَيْ مَا دَامَتْ مَسْكُوكَةً فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ شِرَاؤُهَا جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْمُخَاطَرَةِ، وَالْقِمَارِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَدَدًا امْتَنَعَ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا غَيْرَ مَسْكُوكَيْنِ جَازَ بَيْعُهُمَا جُزَافًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ: (وَأَمَّا نِقَارُ) بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى فَجَرَاتٍ (الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَذَلِكَ) أَيْ شِرَاءُ الْجُزَافِ (فِيهِمَا جَائِزٌ) إذَا لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِمَا أَمَّا إذَا تُعُومِلَ بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا. ثَانِيَ الشُّرُوطِ: أَنْ لَا تَكُونَ آحَادُهُ مَقْصُودَةً كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ وَلَمْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الرَّقِيقِ، وَالثِّيَابِ جُزَافًا) وَقَيَّدْنَا بِلَمْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قُصِدَتْ آحَادُهُ وَقَلَّ ثَمَنُهُ كَالرُّمَّانِ، وَالْبَيْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا. ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْقَلِيلِ الَّذِي يُعْلَمُ قَدْرُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ (مَا يُمْكِنُ عَدُّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ جُزَافًا) كَالْحِيتَانِ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ كَقَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ مِنِّي صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ. خَامِسُهَا: أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ. سَادِسُهَا: أَنْ لَا يَكْثُرَ جِدًّا. سَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا بِالْبَصَرِ. ثَامِنُهَا: أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَيْ مَا دَامَتْ إلَخْ] مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةُ دَوَامِهَا مَسْكُوكَةً، وَالتَّأْوِيلُ بِالدَّوَامِ لَا حَاجَةَ لَهُ فَلَوْ قَالَ مُدَّةُ وُجُودِهَا مَسْكُوكَةً لَكَفَى وَكَانَ تَامَّةٌ وَمَسْكُوكَةً حَالٌ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَأْنِيثُ الْفِعْلِ وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اعْتِبَارُ مَا ذُكِرَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْمُخَاطَرَةِ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ فَعَلَ مَا يَكُونُ الْخَوْفُ فِيهِ أَغْلَبَ اهـ.

لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فَلَا مُفَاعَلَةَ. وَقَوْلُهُ: وَالْقِمَارِ إلَخْ أَيْ الْمُغَالَبَةُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَدَدًا امْتَنَعَ] ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَدَدًا وَوَزْنًا وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا أَطْلَقَ اتِّكَالًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمَسْكُوكَ إنَّمَا يُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا. [قَوْلُهُ: بِكَسْرِ النُّونِ] جَمْعُ نُقْرَةٍ بِالضَّمِّ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَفَجَرَاتٌ جَمْعُ فَجْرَةٍ بِمَعْنَى قِطْعَةٍ. [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تُعُومِلَ بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ] أَيْ عَدَدًا، وَمَا يُتَعَامَلُ بِهِ بِالْوَجْهَيْنِ كَذَلِكَ أَيْ يَمْتَنِعُ كَمَا ذَكَرَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ، وَأَمَّا وَزْنًا فَقَطْ فَيَجُوزُ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ التِّبْرَ، وَالْحُلِيَّ الْمَكْسُورَ، وَكَذَا الْمَسْكُوكُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَالْفُلُوسُ الْجُدُدُ كَالنَّقْدِ فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا فَقَطْ أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا امْتَنَعَ بَيْعُهَا جُزَافًا، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا فَقَطْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَامَلَ بِهِ عَدَدًا يُقْصَدُ أَفْرَادُهُ بِخِلَافِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الرَّقِيقِ إلَخْ] أَيْ، وَكَذَا الْحَيَوَانَاتُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُقَوَّمَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ أَفْرَادُهَا حَالَةَ كَوْنِ شِرَائِهَا جُزَافًا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَفْرَادِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا يُؤَدِّي إلَى الْمُخَاطَرَةِ، وَالْمُقَامَرَةِ وَهِيَ حَرَامٌ. [قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا يُمْكِنُ عَدُّهُ إلَخْ] أَيْ لِسُهُولَةِ الْعَدِّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا، وَلَوْ أَمْكَنَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ بِلَا مَشَقَّةٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ الْمَشَقَّةُ لِتَوَقُّفِهِمَا عَلَى مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مُعْتَادٍ. [قَوْلُهُ: كَالْحِيتَانِ] أَيْ الْقَلَائِلِ الَّتِي لَا مَشَقَّةَ فِي عَدِّهَا.

[قَوْلُهُ: رَابِعُهَا إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَخُصُّ الْجُزَافَ. [قَوْلُهُ: خَامِسُهَا أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ] أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ عَنْ أَصْلِهِ كَمَكِيلِ أَرْضٍ وَجُزَافِ حَبٍّ بِخِلَافٍ لَوْ وَقَعَ كُلٌّ عَلَى الْأَصْلِ كَجُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ فَيَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْجُزَافَيْنِ، وَالْمَكِيلَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ مَعَ الْخُرُوجِ عَنْ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ فِي الْحُبُوبِ الْكَيْلُ، وَالْأَرْضِ الْجُزَافُ. [قَوْلُهُ: سَادِسُهَا أَنْ لَا يَكْثُرَ جِدًّا] بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَوْ مَعْدُومًا. [قَوْلُهُ: سَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا بِالْبَصَرِ] أَيْ وَلِذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْمَى جُزَافًا وَلَا شِرَاؤُهُ لِاشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي الرُّؤْيَةُ، وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ الْمُتَّصِلِ بِبَاقِيهِ كَالصُّبْرَةِ يُرَى ظَاهِرُهَا، وَالْغِرَارَةِ، وَالْحَاصِلُ الْكَبِيرُ، وَكَرُؤْيَةِ بَعْضٍ مَغِيبِ الْأَصْلِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ قِلَالِ الْخَلِّ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّ فَتْحَهَا يُفْسِدُهَا لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَمْلُوءَةً، أَوْ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي نَقْصَهَا، وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ وَصِفَةِ مَا فِيهَا.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>