للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَعَاقِدَانِ اعْتَادَا الْحَزْرَ فِي ذَلِكَ. تَاسِعُهَا: أَنْ يَكُونَا جَاهِلَيْنِ بِمِقْدَارِهِ. عَاشِرُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ

(وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ) كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا وَفِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يَبِعْهُ (فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ) أَيْ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ عَلَى النَّخْلِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) لِنَفْسِهِ فَيَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ لَهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّخْلَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ.

وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» . (وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ النَّخْلِ (مِنْ) الْأَشْجَارِ ذِي (الثِّمَارِ) كَالْعِنَبِ، وَالزَّيْتُونِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، ثُمَّ فَسَّرَ التَّأْبِيرَ بِقَوْلِهِ: (وَالْإِبَارُ) فِي النَّخْلِ (التَّذْكِيرُ) بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الثَّمَرَةِ دَقِيقًا يَكُونُ فِي فَحْلِ النَّخْلِ (وَإِبَارُ الزَّرْعِ) عَلَى الْمَشْهُورِ

ــ

[حاشية العدوي]

مَرْئِيًّا بِالْبَصَرِ فَالْغَائِبُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ. [قَوْلُهُ: اعْتَادَ الْحَزْرَ فِي ذَلِكَ] أَيْ أَوْ يُوَكِّلَا مَنْ هُوَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَا جَاهِلَيْنِ بِمِقْدَارِهِ] فَلَوْ عَلِمَاهُ مَعًا لَجَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا.

وَإِنْ أَعْلَمَ الْعَالَمُ الْجَاهِلَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَسَدَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ لَمْ يَفْسُدْ. نَعَمْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ كَظُهُورِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: عَاشِرُهَا أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ] أَيْ لَا مُرْتَفِعَةٍ وَلَا مُنْخَفِضَةٍ فِي ظَنِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَالَ الْعَقْدِ، فَإِنْ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْغَرَرُ لِعَدَمِ حَزْرِهِ، وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَنْ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ مِنْهُمَا.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: اسْتِوَاءُ الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْحَزْرِ لَا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا، وَالْجَوَابُ أَنَّ شَرْطَ الشَّرْطِ شَرْطٌ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ اللَّقَانِيُّ: هَذَا الشَّرْطُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْتَفَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُخْبَرُ مَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ مِنْهُمَا، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ فَهُوَ فِي الْجَوَازِ، وَالصِّحَّةِ.

[قَوْلُهُ: أُبِّرَتْ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا] أَمَّا لَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ أَصْلًا أَوْ أُبِّرَ مِنْهَا دُونَ النِّصْفِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ أُبِّرَ النِّصْفُ لَكَانَ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ فَالْمُؤَبَّرُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ لِغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ فَصَحَّحَ فِي الشَّامِلِ الْجَوَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَهَرَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ كَمَنْعِ اسْتِثْنَاءِ الْجَنِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرًى وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُبِّرَتْ كُلُّهَا قُلْت: أَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا الْأَكْثَرَ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ يُعْطَى حُكْمُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي أُبِّرَتْ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ اسْمُ جَمْعٍ يَجُوزُ فِي الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إلَيْهِ التَّذْكِيرُ، وَالتَّأْنِيثُ.

[قَوْلُهُ: لَمْ يَبِعْهُ] أَيْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ] فُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ تَنَازَعُوا فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَهُ فِي الْأَصْلِ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي اشْتِرَاطَهُ.

وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْبَعْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِأَصِلْهَا، وَاشْتِرَاطُ بَعْضِهَا يَقْتَضِي قَصْدَ بَيْعِهَا لِذَاتِهَا وَعَدَمَ التَّبَعِيَّةِ. [قَوْلُهُ: وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا إلَخْ] هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مُفَرَّقًا. [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا إلَخْ] فَالْمُؤَبَّرُ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: ذِي الثِّمَارِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ذَاتِ التِّمَارِ بِالتَّاءِ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ إلَخْ] أَيْ لِئَلَّا تَسْقُطَ ثَمَرَتُهَا.

تَنْبِيهٌ:

الْمُرَادُ بَلَغَ حَدَّ الْإِبَارِ، وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ بِالْفِعْلِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ، وَأَمَّا غَيْرُ النَّخْلِ كَالْخَوْخِ، وَالتِّينِ فَالتَّأْبِيرُ فِيهِ أَنْ تَبْرُزَ الثَّمَرَةُ فِيهِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَتَتَمَيَّزُ بِحَيْثُ تَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ. [قَوْلُهُ: الزَّرْعِ] الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ ذِي الثَّمَرِ كَالْبِرْسِيمِ، وَالْقُرْطِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَقِيلَ: إنَّ إبَارَ الزَّرْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>