للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(خُرُوجُهُ مِنْ الْأَرْضِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) كُلُّهُ قَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ. ك وَمَعْنَى " يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ " أَيْ يَشْتَرِطَهُ لِلْعَبْدِ لَا لِنَفْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ امْتَنَعَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا، وَالْمَالُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً: انْتَهَى.

وَقَالَ ق: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ أَوْ لِنَفْسِهِ الْبَيْعُ صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَشْتَرِي مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا حِصَّةَ لَهُ فِي الثَّمَنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِالدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا، وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَشْتَرِي مِنْك هَذَا الْعَبْدَ، وَمَالَهُ فَهَاهُنَا يُرَاعَى فِيهِ الرِّبَا فَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَيْنٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ كُلَّهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ وَلِهَذَا قَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِقَوْلِنَا: " كُلَّهُ ".

ــ

[حاشية العدوي]

خُرُوجُهُ مِنْ يَدِ بَاذِرِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: خُرُوجُهُ] فَمَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا ذَاتَ زَرْعٍ ظَاهِرٍ لِلنَّاظِرِ يَكُونُ زَرْعُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي، وَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا مَبْذُورَةً لَمْ يَبْرُزْ زَرْعُهَا فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ بَذْرَهَا. [قَوْلُهُ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا] أَيْ جَمِيعَهُ احْتِرَازًا عَنْ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمُبَعَّضِ فَإِنَّ مَالَ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ لِمُشْتَرِيهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ انْتِزَاعُهُ إلَّا بِمُوَافَقَةِ شَرِيكِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ.

وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنَّ مَالَهُ يَبْقَى بِيَدِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ فِي يَوْمِ نَفْسِهِ وَلَا يَنْتَزِعُهُ مُشْتَرٍ وَلَا بَائِعٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَإِذَا مَاتَ وَارِثُهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَاعَ بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَإِذَا دَفَعَهُ صَدَاقًا أَوْ خَالَعَتْهُ الزَّوْجَةُ فَمَالُهُ لِلزَّوْجِ فِي الْأُولَى وَلِلزَّوْجَةِ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا لِشَرْطٍ فِيهِمَا، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ كَانَ بِعِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَإِنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ، وَلَوْ كَثُرَ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُنْتَزَعُ مَالُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ فَقِيلَ: مَالُهُ يَتْبَعُهُ فَيَكُونُ لِلْمُعْطَى لَهُ، وَقِيلَ: يَبْقَى لِلْمُعْطِي بِالْكَسْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. [قَوْلُهُ: فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ] وَأَحْرَى وَلَدُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ مَالِهِ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ أَيْ خِدْمَتِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى ذَاتِ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُهَا، وَاخْتُلِفَ لَوْ اشْتَرَطَهَا الْبَائِعُ هَلْ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ أَوْ خِلَافٌ.

[قَوْلُهُ: امْتَنَعَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا، وَالْمَالُ ذَهَبًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا، وَالْآخَرُ فِضَّةً فَلَا يُؤْخَذُ الْمَنْعُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَجُوزُ إذَا اجْتَمَعَ الْبَيْعُ، وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ أَوْ يَكُونُ الْجَمِيعُ دِينَارًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْعَبْدِ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ مَالُهُ وَأَنْ يَشْتَرِطَ جَمِيعَهُ وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ق] هَذِهِ طَرِيقَةٌ مُخَالِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا [قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِهِ إلَخْ] أَيْ نَوْعِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا، وَمَالُ الْعَبْدِ فِضَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعْ الْبَيْعُ، وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ أَوْ يَكُنْ الْجَمْعُ دِينَارًا،، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا الْمَفْهُومُ بِمَا إذَا كَانَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ، وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ وَإِلَّا مُنِعَ فَتَدَبَّرْ.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: إنَّ مَالَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِهِ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا وَلَا يُرَاعَى فِيهِ رِبًا وَلَا صَرْفٌ مُسْتَأْخَرٌ وَلَا تَفَاضُلٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ تَبَعٌ لَهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي سَوَاءٌ قَالَ: أَشْتَرِيهِ بِمَالِهِ أَوْ أَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ، وَمَالَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى " وَمَالَهُ " مَعَ مَالِهِ قَالَ عج. وَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي عَلَى الْمَعْرُوفِ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُشْتَرَطَ لَهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ مَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

تَنْبِيهٌ:

إسْنَادُ الْمَالِ لِلْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ بِدَلِيلِ جَوَازِ انْتِزَاعِ السَّيِّدِ لِمَالِهِ. [قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ] وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْجَوَازِ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْجَوَازِ] وَكَانَ الْأَصْلُ مَنْعُهُ حَتَّى يُنْظَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>