يَأْتِي بِمِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ خُلْفَهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ.
وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهَا حَتَّى يَشْتَرِطَ وَهُوَ نَصٌّ لَهُ فِي الْجُعَلِ، وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (وَمَنْ اكْتَرَى كِرَاءً مَضْمُونًا) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اكْرِ لِي دَابَّةً لِأَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا (فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ فَلْيَأْتِ بِغَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُسْتَحَقَّةٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذِهِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ الرَّاكِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ) مُكَرَّرٌ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَلْيَكْتَرُوا مَكَانَهُ غَيْرَهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَنَقَدَ كِرَاهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ بَلْ تُكْرِي وَرَثَتُهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمْ الدَّابَّةَ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْقَدْرِ، وَالْحَالِ، وَلَا يُكْرُونَهَا لِمَنْ هُوَ بَادِنٌ أَعْظَمُ مِمَّنْ مَاتَ عَنْهَا. ج، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا رَجُلٌ فَلَا يُكْرُونَهَا إلَّا لِرَجُلٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَلْيَأْتِ بِمِثْلِهَا إلَخْ] فَإِنْ لَمْ يَأْتِ دَفَعَ جَمِيعَ الْأَجْرِ. وَقَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ أَيْ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْخَلَفِ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ جَمِيعِ الْأَجْرِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنَةِ، وَالرَّاجِحُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ شَيْئًا وَهُوَ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا شَرْطَ الْخَلَفِ، وَأَنَّ شَرْطَ الْخَلَفِ إنَّمَا هُوَ لِلُّزُومِ الْخَلْف وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَةِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا إذَا شَرَطَ الْخَلَفَ وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ إلَّا بِشَرْطِ أَنَّ كُلَّ مَا مَاتَ مَثَلًا يُخْلِفُهُ رَبُّهُ وَإِلَّا فُسِخَ وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ حَيْثُ اطَّلَعَ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ كَأَنْ يَتَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى رِعَايَةِ عِشْرِينَ نَعْجَةً مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْخَلَفُ وَيَدْفَعُ رَبُّهَا جَمِيعَ الْكِرَاءِ، أَوْ يَأْتِي بِالْخَلَفِ وَقَوْلُهُ: بِمِثْلِهَا أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إذَا أَتَى بِغَيْرِهِ كَأَنْ أَتَى بِمَعْزٍ لِمَا فِي رَعْيِهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ الْأَوْلَادِ إلَّا لِعُرْفٍ، وَحَيْثُ انْتَفَى لَزِمَ رَبَّهَا الْإِتْيَانُ بِرَاعٍ لَهَا وَرَعَاهَا وُجُوبًا مَعَ الْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّ رَعْيَهَا بِدُونِ أُمَّهَاتِهَا يُتْعِبُ رَاعِيَ الْأُمِّ، فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ أَشْخَاصًا وَلَا عَدَدًا كَأَنْ تَرْعَى لِي غَنَمًا فَجَائِزٌ وَأَتَى لَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَى رَعْيِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهِ، وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا، وَلَوْ قَدَرَ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ الْأَجْرُ لِرَبِّ الْغَنَمِ، وَكَذَا فِي الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ شَرْطِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا وَإِلَّا فَلَهُ رَعْيُ الْغَيْرِ أَوْ بِشَرِيكٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ بِشَرْطٍ حَيْثُ مَاتَتْ أَوْ سُرِقَتْ إلَّا لِتَقْصِيرٍ وَقَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينٍ فِيمَا إذَا ذَبَحَ مِنْهَا وَادَّعَى خَوْفَ مَوْتِهِ، وَهَذَا فِي رَاعٍ كُلِّفَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: كِرَاءً مَضْمُونًا] هُوَ مَا قَابَلَ الْمُعَيَّنَ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ فِي الْمَضْمُونَةِ حَتَّى يَصِحَّ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذِهِ الْعَيْنِ] إلَّا أَنَّ الْمُكْرِيَ إذَا أَتَى بِدَابَّةٍ لِلْمُكْتَرِي وَرَكِبَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهَا حَتَّى لَوْ فَلَّسَ الْمُكْرِي بَعْدَ قَبْضِهَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي أَحَقَّ بِهَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَهَذِهِ فِي الْمَضْمُونَةِ [قَوْلُهُ: وَلْيَكْتَرُوا] صَوَابُهُ لِيَكْرُوا كَمَا قَالَهُ تت [قَوْلُهُ: دَابَّةً] أَيْ أَوْ سَفِينَةً [قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمْ] وَهُوَ الْحَاكِمُ عِنْدَ فَقْدِهِمْ [قَوْلُهُ: لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ] وَأَوْلَى دُونَهُ [قَوْلُهُ: وَالْحَالِ] عَطْفُ مُرَادِفٍ.
[قَوْلُهُ: هُوَ بَادِنٌ] أَيْ عَظِيمُ الْبَدَنِ لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ، وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ بُدَّنٌ مِثْلُ رَاكِعٍ وَرُكَّعٍ. وَقَوْلُهُ: أَعْظَمُ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِبَادِنٍ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ احْتَرَزَ عَنْ بَادِنٍ مِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ فَيَجُوزُ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا رَجُلٌ فَلَا يَكْرُونَهَا إلَّا لِرَجُلٍ] ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ نَحِيفَةً جِدًّا، وَالرَّجُلُ بَادِنًا جِدًّا وَانْظُرْهُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ الرَّاكِبِ عِنْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ بَلْ يَصِحُّ عَقْدُ الْكِرَاءِ مُدَّةً عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الثَّقِيلُ وَلَا الْمَرِيضُ وَلَا مَعْرُوفٌ بِكَثْرَةِ نَوْمٍ أَوْ بِعَقْرِ الدَّوَابِّ.
فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَأَتَى لَهُ بِامْرَأَةٍ لَزِمَهُ حَمْلُهَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ثَقِيلَةً وَأَمَّا عَلَى حَمْلِ رَجُلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَرْأَةُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا رَجُلٌ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ وَقَعَ عَقْدُ الْكِرَاءِ عَلَى رَجُلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute