للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ أَنْ يُجَاعِلَ عَلَى تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ حَتَّى يَتَحَدَّقُوا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ كَرِهَ مَالِكٌ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ فَمَا الْفَرْقُ؟ قِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ لَا مَحَالَةَ فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَإِنَّهَا مَظْعُونَةٌ يَجُوزُ فِيهَا الْخِلَافُ، فَكَرِهَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ النَّحْوِ، وَالْأُصُولِ وَنَحْوِهِمَا (وَ) كَذَلِكَ (لَا) بَأْسَ (بِمُشَارَطَةِ) أَيْ بِمُجَاعَلَةِ (الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ) حَتَّى يَبْرَأَ، وَهِيَ عَلَى أَقْسَامٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَصْلِ مِنْهَا مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ مِثْلُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ عَلَى أَنْ يُدَاوِيَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَدْوِيَةُ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيلِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَالْأَدْوِيَةُ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ

(وَلَا يُنْتَقَضُ) بِمَعْنَى لَا يَنْفَسِخُ (الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ أَوْ السَّاكِنِ) ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمُسْتَأْجَرِ بَاقِيَةٌ وَتُكْرِي الْوَرَثَةُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ (بِمَوْتِ غَنَمِ الرِّعَايَةِ) وَلْيَأْتِ بِمِثْلِهَا. ك: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَمِنْ الصِّحَاحِ، وَالْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ تَابِعٌ فِيهِ لِلشَّيْخِ زَرُّوقٍ وَهُوَ غَرِيبٌ.

قَالَ الْحَطَّابُ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الصِّحَاحِ حَذَقَ الصَّبِيُّ الْقُرْآنَ، وَالْعَمَلَ يَحْذِقُهُ حَذْقًا وَحِذْقًا إذَا مَهَرَ فِيهِ وَحَذِقَ بِالْكَسْرِ حِذْقًا لُغَةٌ فِيهِ هـ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَحْذِقَ الْمُعَلَّمُ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَالْمُعَلَّمُ بِفَتْحِ اللَّامِ فَاعِلُ يَحْذِقُ. وَقَوْلُهُ: أَيْ يَحْفَظُهُ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا.

وَكَذَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ مُشَاهَرَةً أَيْ قِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ حِفْظٍ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُشَاهَرَةِ، وَالْحُذَّاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ [قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَحَدَّقُوا] بِيَاءٍ وَتَاءٍ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ، وَالْمُنَاسِبُ حَتَّى يَحْدِقُونَ بِحَذْفِ التَّاءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ [قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ] .

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يَجُوزُ عَلَى التَّعْلِيمِ إلَّا مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُشَاهَرَةً أَوْ غَيْرَهَا [قَوْلُهُ: كِتَابُ اللَّهِ] أَيْ تَعْلِيمُ كِتَابِ اللَّهِ [قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ] وَأَيْضًا تَعْلِيمُ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ، وَأَيْضًا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ يُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ طَالِبِهِ. [قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيمِ النَّحْوِ] وَأَمَّا الْأَخْذُ عَلَى تَعْلِيمِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ كَالْمُنَاسَخَاتِ فَهُوَ جَائِزٌ [قَوْلُهُ: أَيْ بِمُجَاعَلَةِ] صَرِيحٌ فِي كَوْنِهَا جَعَالَةً فَيُنَافِي التَّمْثِيلَ فَإِنَّ الْمِثَالَيْنِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ لَا الْجَعَالَةِ فَجَعْلُهَا جَعَالَةً تَسْمَحُ. وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَبْرَأَ أَيْ عِلَاجُهُ حَتَّى يَبْرَأَ.

[قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ عَلَى أَنْ يُدَاوِيَهُ إلَخْ] فَإِنْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَبَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا، وَإِنْ بَرِئَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ سَلَفًا [قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ] بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، وَحُكْمُ هَذِهِ كَالْأُولَى إنْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَبَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ بَرِئَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ. قُلْت:، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْجَوَازُ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَهُوَ ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَإِجَارَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ، وَمِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: أُعَاقِدُكَ بِكَذَا عَلَى عِلَاجِ هَذَا الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ بَرِئَ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالدَّوَاءُ مِنْ الطَّبِيبِ. فَقِيلَ: يَجُوزُ وَقِيلَ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةُ الْمُنَاسِبِ حَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهَا كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْبُرْءِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالْبُرْءِ وَهِيَ مَا إذَا عَاقَدَهُ عَلَى الْبُرْءِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ

فَإِذَا بَرِئَ الْمَرِيضُ أَخَذَهَا الطَّبِيبُ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَالدَّوَاءُ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيلِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَرِئَ الْعَلِيلُ يَدْفَعْ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ يَدْفَعْ قِيمَةَ الدَّوَاءِ وَلَمْ يَجُزْ لِأَدَائِهِ إلَى اجْتِمَاعِ جُعَلٍ وَبَيْعٍ.

[قَوْلُهُ: بِمَوْتِ الرَّاكِبِ] أَوْ تَعَذُّرِهِ لِسَفِينَةٍ أَوْ دَابَّةٍ، وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ عَرُوسًا تُزَفُّ عَلَى الْمَرْكُوبِ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَلْزَمْ الْكِرَاءُ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ، وَإِلَّا لَزِمَ الْكِرَاءُ، وَالْمُكْتَرِي أَنْ يُكْرِيَهَا فِي مِثْلِهِ [قَوْلُهُ: وَتُكْرِي الْوَرَثَةُ] أَيْ وَيَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ تُكْرِيَ فَتَأَمَّلْ [قَوْلُهُ: بِمَوْتِ غَنَمِ الرِّعَايَةِ] لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا إذَا آجَرَهُ عَلَى رِعَايَةِ الْبَقَرِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ الْبِغَالِ أَوْ الْحَمِيرِ أَوْ الْإِوَزِّ أَوْ الدَّجَاجِ أَوْ غَيْرِهَا الْحُكْمُ كَمَا قَالَ. [قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>