للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ

(وَعَلَيْهِ) أَيْضًا (زَرِيعَةُ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ بَذْرُ (الْبَيَاضِ الْيَسِيرِ) أَيْ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ عَنْ الشَّجَرِ وَالْيَسِيرُ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْغِي) أَيْ يَتْرُكَ (ذَلِكَ) الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ (لِلْعَامِلِ وَهُوَ) أَيْ الْإِلْغَاءُ (أَحَلُّ) لَهُ وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ هُنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِيَسْلَمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يُتْرَكُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنْ الْجَمِيعِ فَأَقَلَّ) ق: اُنْظُرْ كَيْفَ بَيَّنَ أَنَّ الْيَسِيرَ يَدْخُلُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَدْخُلُ، وَسَكَتَ عَنْ الْإِلْغَاءِ هَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ، وَيُعْرَفُ الْيَسِيرُ مِنْ الْكَثِيرِ بِأَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الْأَرْضِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَيُقَوَّمَ الثَّمَرُ عَلَى انْفِرَادِهِ،

ــ

[حاشية العدوي]

وَالدَّابَّةِ] أَيْ فَمُدَّةُ حَيَاتِهِمَا مَجْهُولَةٌ فَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَمَلُهُمَا بِذِمَّةِ رَبِّ الْحَائِطِ لَفَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ

[قَوْلُهُ: وَكَسْرِ الرَّاءِ] أَيْ الْمُخَفَّفَةِ وَالتَّشْدِيدُ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الْبَيَاضِ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّخْلِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لِلْعَامِلِ فِيهِ مُوَافِقًا لِجُزْءِ الْحَائِطِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ وَأَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ مُنْفَرِدًا ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَسَدَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ فِي الْحَائِطِ وَإِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ، وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الشَّرْطَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَوْنَ الْبَذْرِ عَلَى الْعَامِلِ وَكِرَاءَ الْبَيَاضِ يَسِيرًا أَيْ قَدْرًا إلَخْ.

كَمَا إذَا كَانَ الْبَيَاضُ يُسَاوِي مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ [قَوْلُهُ: الْبَيَاضُ إلَخْ] سُمِّيَ الْبَيَاضُ بَيَاضًا لِإِشْرَاقِ أَرْضِهِ بِضَوْءِ الشَّمْسِ نَهَارًا وَنُورِ الْكَوَاكِبِ لَيْلًا، وَسُمِّيَ مَا اسْتَتَرَ بِالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ سَوَادًا لِحَجْبِهَا لَهُ عَنْ الْإِشْرَاقِ [قَوْلُهُ: لَهُ] مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَصْلِهِ مَجْرُورٌ بِلَا مُقَدَّرَةٍ أَيْ أُحِلَّ لَهُ أَيْ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَوْ الْعَامِلِ مِنْ اشْتِرَاطِ إدْخَالِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ [قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ خَيْرٌ] أَيْ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ [قَوْلُهُ: بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ] عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يُتْرَكُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ أَوْ الْعَامِلُ أَوْ هُمَا مَعًا أَوْ يَسْكُتَا عَنْهُ، أَمَّا إنْ اشْتَرَطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَاهُ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ نَصَّ عَلَيْهِ ع وَق.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَذْرُ الْبَيَاضِ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِ فَسَدَ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا لِأَهْلِ خَيْبَرَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ فِيهِ مُوَافِقًا لِجُزْءِ الْمُسَاقَاةِ، وَأَمَّا إذَا سَكَتَا عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُلْغَى لِلْعَامِلِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَتَأَمَّلْهُ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا الْإِلْغَاءُ لِلْعَامِلِ مَشْرُوطٌ بِالسُّكُوتِ أَوْ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ كَثِيرًا] بِحَيْثُ يَكُونُ كِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا فَوْقَ ثُلُثِ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ [قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ] أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ بَلْ يَبْقَى لِرَبِّهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ أَيْضًا [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ] أَيْ الْبَيَاضُ لَا بِقَيْدِهِ السَّابِقِ [قَوْلُهُ: كَيْفَ بَيَّنَ] أَيْ لِمَ بَيَّنَ، أَيْ اُنْظُرْ جَوَابَ هَذَا السُّؤَالِ وَهُوَ أَنَّهُ لِمَ بَيَّنَ أَنَّ الْيَسِيرَ يَدْخُلُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَالْكَثِيرُ لَا يَدْخُلُ، وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِ السُّؤَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِلْغَاءِ وَهُوَ هَلْ يَجُوزُ إلَخْ.

فَقَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الْإِلْغَاءِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْغَى ذَلِكَ إلَخْ مُفِيدٌ لِهَذَا الْجَوَابِ وَهُوَ أَنَّ جَوَازَ الْإِلْغَاءِ إذَا كَانَ يَسِيرًا فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ وَهَذَا يَكْفِي فِي الْبَيَانِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ إلَخْ] وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُلَخَّصُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَخْتَصُّ بِهِ الْعَامِلُ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ، وَيَفْسُدُ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِاشْتِرَاطِ رَبِّهِ لَهُ إنْ كَانَ يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ كَمَا يَفْسُدُ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِإِدْخَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>