للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْغَيْرِ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ الْكَثِيرِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْيَسِيرِ وَتَقْيِيدُنَا بِمَا لَهُ بَالٌ احْتِرَازًا عَنْ الشَّيْءِ الْخَفِيفِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِعْطَائِهِ كَكِسْرَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُقَارِضِ وَالزَّوْجَةِ وَالشَّرِيكِ وَنَحْوِهِمْ.

(وَ) كَذَلِكَ (لَا يَتَزَوَّجُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَعِيبَهُ إنْ عَجَزَ (وَلَا يُسَافِرُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ (السَّفَرَ الْبَعِيدَ) الَّذِي تَحِلُّ فِيهِ نُجُومُهُ قَبْلَ قُدُومِهِ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ق: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يَعُودُ عَلَى التَّزْوِيجِ وَالسَّفَرِ خَاصَّةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ كَانَ وَأَذِنَ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إذْنُهُ

(وَإِذَا مَاتَ) الْمُكَاتَبُ (وَلَهُ وَلَدٌ) دَخَلَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا (قَامَ) وَلَدُهُ (مَقَامَهُ) فِي أَدَاءِ الْكِتَابَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي ذَلِكَ مُنَجَّمًا بَلْ حَالًّا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَوَدَى مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ (مَا بَقِيَ عَلَيْهِ حَالًّا) إذَا تَرَكَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ حَلَّتْ نُجُومُهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ تَحِلُّ بِمَوْتِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ (وَوَرِثَ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَلَدِهِ مَا بَقِيَ) ع: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَرِثُ مَا بَقِيَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ مِنْ وَلَدِهِ أَوْ حَدَثُوا لَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ. وَهَذَا قَوْلٌ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرِثُ كُلُّ مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِمَّنْ مَعَهُ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَهُوَ رَبِيعَةُ [قَوْلُهُ: وَلَا يَتَزَوَّجُ] أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كَانَ نَظَرًا أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ وَلِسَيِّدِهِ رَدُّهُ وَفَسْخُهُ، وَلَا شَيْءَ لِزَوْجَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ رَدَّهُ سَيِّدُهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يَتْبَعُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا أَزْيَدَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ، فَإِنْ أَجَازَ سَيِّدُهُ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فُسِخَ تَزْوِيجُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

[قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الْبَعِيدَ] أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: الَّذِي تَحِلُّ فِيهِ نُجُومُهُ] الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ قَبْلَ قُدُومِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعِيدِ مَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحِلَّ فِيهِ نَجْمٌ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ: مَا هُوَ مَظِنَّةُ حُلُولِ نَجْمٍ كَحُلُولِهِ بِالْفِعْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ دَاوُد عَلَيْهَا وَالطِّخِّيخِيِّ عَلَى خَلِيلٍ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: الضَّمِيرُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ الضَّمِيرُ فِي سَيِّدِهِ إنَّمَا يَعُودُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ، وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يَعُودُ عَلَى التَّزْوِيجِ إلَخْ. فَتَدَبَّرْ أَيْ وَأَمَّا فِي الْعِتْقِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ فِي الْعِتْقِ وَاضِحٌ وَفِي إتْلَافِ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ نَاجِي كَمَا فِي كَلَامِ عج التَّصْرِيحُ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَالتَّوْفِيقَ بَيْنَهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ جَارٍ فِي الْعِتْقِ. [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إذْنُهُ] وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَغِيرًا لَفُسِخَ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ

[قَوْلُهُ: دَخَلَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ] أَيْ بِشَرْطٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِشَرْطٍ. [قَوْلُهُ: وَوَدَى مِنْ مَالِهِ] أَيْ وُجُوبًا [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ حَلَّتْ] فَالْحُلُولُ عِنْدَ وُجُودِ مَا بِهِ الْوَفَاءُ [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ] أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ يَرِثُهُ كُلُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ دَخَلَ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ زَمَنَ كِتَابَتِهِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَبَاهُ وَوَلَدَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَمَنْ ابْتَاعَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ بِالْمِلْكِ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَصَارَ كَمَنْ عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يَرِثُهُ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، فَأَخُوهُ الَّذِي مَعَهُ يَرِثُهُ دُونَ وَلَدِهِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْإِرْثُ مَعَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْأَخِ وَبِنْتَانِ فِي الثُّلُثَيْنِ وَالْبَاقِي لِعَمِّهِمَا لِكَوْنِهِ مَعَهُمَا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ الثُّلُثُ لِلسَّيِّدِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهُ مَنْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ شَأْنَ الْمُتَوَارِثِينَ التَّسَاوِي حَالَ الْمَوْتِ وَهُوَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِاحْتِمَالِ أَدَاءِ أَصْحَابِ أَهْلِ الْكِتَابَتَيْنِ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>