للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وَتَسَرَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ» (وَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ) مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَلَا يَرِقُّهَا دَيْنٌ كَانَ قَبْلَ حَمْلِهَا أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَمْ يُرَاعُوا هُنَا عِلَّةَ الِاسْتِعْجَالِ كَمَا قَالُوا فِي الْمُدَبَّرِ يَرْجِعُ رَقِيقًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ قَبْلَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إذَا اسْتَغْرَقَهُ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ بِحَالٍ فِي الدَّيْنِ إلَّا فِي مَسَائِلَ اسْتَثْنَاهَا الْأَصْحَابُ نَقَلْنَاهَا فِي الْكَبِيرِ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا) فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ وَإِنْ عَتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مَاتَتْ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ وَنَحْوُهُمَا.

ــ

[حاشية العدوي]

قِيمَتِهَا مِمَّنْ قَتَلَهَا. [قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى] أَيْ فَعُمُومُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وَطْءِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ: وَتَسَرَّى أَيْ وَأَوْلَدَهَا إبْرَاهِيمُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وَطْئِهَا بَعْدَ إيلَادِهَا وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الدَّلِيلِ مِنْ تَسَرِّيهِ بِهَا لَا مُطْلَقُ التَّسَرِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ أَهْدَاهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقَوْقِسُ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ جَمِيلَةً وَالْقِبْطِيَّةُ نِسْبَةٌ لِلْقِبْطِ وَهُمْ أَهْلُ مِصْرَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ

[قَوْلُهُ: وَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ] وَتُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْكَفَنِ قَالَهُ عج، وَمَحَلُّ عِتْقِهَا حَيْثُ كَانَ السَّيِّدُ حُرًّا وَغَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ حِينَ الْوَطْءِ الَّذِي مِنْهُ الْوِلَادَةُ، فَإِنْ وَطِئَ الْمُفْلِسُ أَمَتَهُ الْمَوْقُوفَةَ لِلْبَيْعِ فَحَمَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ لَمْ يُمْنَعْ بَيْعُهَا بِخِلَافِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ. [قَوْلُهُ: مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ] أَيْ مَاتَ مَوْتًا عُلِمَ مِنْ أَنْفِهِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُقَالُ فِي شَأْنِ حَيَوَانٍ مَاتَ بِدُونِ سَبَبٍ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ وَشَأْنُهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي التَّنَفُّسِ حَتَّى يَنْقَطِعَ فَلِذَا خُصَّ بِالْأَنْفِ وَهَلْ لَهُ فِعْلٌ وَهُوَ حَتْفٌ تَقُولُ: حَتَفَهُ اللَّهُ يَحْتِفُهُ حَتْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا أَمَاتَهُ، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ التَّفْسِيرِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ أَوْ لَا فِعْلٌ لَهُ قَوْلَانِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

[قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِقُرْبِهَا مِنْ الْحَرَائِرِ فِي مَنْعِ إجَارَتِهَا وَبَيْعِهَا فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَرَهْنِهَا وَهِبَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ دُونَ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَا يَرُدُّهُ الدَّيْنُ وَلَوْ سَابِقًا. [قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ] أَيْ سِتَّةٍ تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ، الْأُولَى الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ يَطَؤُهَا الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا يُبَاعُ الثَّانِيَةُ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَدِيمٌ فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَوَلَدُهَا حُرٌّ، الثَّالِثَةُ أَمَةُ التَّرِكَةِ يَطَؤُهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ وَالْوَاطِئُ لَهَا عَدِيمٌ وَعَالِمٌ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا، الرَّابِعَةُ أَمَةُ الْمُفْلِسِ يَطَؤُهَا بَعْدَ وَقْفِهَا لِلْبَيْعِ وَتَحْمِلُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا، الْخَامِسَةُ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ يَطَؤُهَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مَعَ عُسْرِهِ وَتَحْمِلُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ وَضْعِهَا دُونَ وَلَدِهَا.

السَّادِسَةُ: أَمَةُ الْقِرَاضِ يَطَؤُهَا الْعَامِلُ مَعَ عُسْرِهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَمَةَ الْمُكَاتَبِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

تُبَاعُ أُمُّ الْوَلَدِ ... فِي سِتَّةٍ فَاجْتَهِدْ

أَحْبَلَهَا رَاهِنُهَا ... أَوْ الشَّرِيكُ فَاعْدُدْ

أَوْ مُفْلِسٌ وَإِنْ جَنَتْ ... سَلِّمْ لَهُ فَسَدِّدْ

أَوْ أَحَدُ الْوُرَّاثِ أَوْ ... مُقَارَضًا فَيَعْتَدِي

وَزَادَ تت سَابِعَةً فَقَالَ:

وَأَمَةٌ سَيِّدُهَا ... مُكَاتَبٌ فَاعْتَمِدْ

[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا] أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ اسْتَدَانَهُ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ] أَيْ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي اعْتَقَدَ أَنَّهَا قِنٌّ أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَتَرْجِعُ لِسَيِّدِهَا. [قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ] أَيْ فِي كُلِّ الصُّوَرِ بِالثَّمَنِ، وَمَحَلُّ رَدِّ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لَهَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ أَوْ عَلَى شَرْطِ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهَا، فَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً بِالشِّرَاءِ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهَا سَوَاءٌ عَلِمَ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا أُمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>