للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُعْتَقُ فَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَ السَّيِّدِ انْتَهَى. وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . ع: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ وَأَنْ يَعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ حُرًّا وَأَنْ يَكُونَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّيْنِ

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْوَلَاءِ (وَلَا هِبَتُهُ) لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» .

(وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ رَجُلٍ) مَثَلًا (فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ) الْمُعْتَقِ عَنْهُ إذَا كَانَ حُرًّا أَمَّا إذَا كَانَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَتَقَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ

(وَ) إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عَلَى يَدِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ (لَا يَكُونُ الْوَلَاءُ) عَلَيْهِ (لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَ) إنَّمَا (هُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَقِيلَ وَلَاؤُهُ لَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ» . ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَجَبَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ عَامٌّ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَوَلِّي دَفْنِهِ إذَا مَاتَ

(وَوَلَاءُ مَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ لَهَا وَ) كَذَلِكَ لَهَا (وَلَاءُ مَنْ يُجَرُّ) وَلَاؤُهُ لَهَا (مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَتْهُ) ع: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الرِّسَالَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَأَمَّا لَفْظًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ وَأَدْخَلَ تَاءَ التَّأْنِيثِ عَلَى أَعْتَقَتْ. الثَّانِي: فَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا تَقَعُ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَعْلَى بِعِتْقِهِ أَمْ لَا أَجَازَهُ أَمْ لَا إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ مِنْ مَرَضِهِ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى سَاعَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ بَعْدَ عِتْقِهِ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ] وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ بَلْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْوَلَاءِ لَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَعْتِقَ فَالْوَكِيلُ مُعْتِقٌ ظَاهِرًا. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ] وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ حُرًّا إلَخْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.

[قَوْلُهُ: الْوَلَاءُ لَحْمَةٌ إلَخْ] قَالَ الْأَبِيُّ: هَذَا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْوَلَاءِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُحَدُّ بِتَعْرِيفٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَاللُّحْمَةُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: لُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ، وَلُحْمَةُ الْبَازِي وَهُوَ مَا يَطْعَمُ مِمَّا يَصِيدُهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ، وَاللَّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ تُضَمُّ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتَقِ نِسْبَةٌ تُشْبِهُ النَّسَبَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ. [قَوْلُهُ: لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ] أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَ حُرًّا] أَيْ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا يَكُونُ وَلَاءُ الَّذِي أَعْتَقَ مُسْلِمًا عَنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

[قَوْلُهُ: إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ أَيْ وَهَذَا لَمْ] يُعْتِقْهُ إنَّمَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ فَقَطْ، وَأَتَى فِي الْحَدِيثِ بِإِنَّمَا وَمَنْ لِرَدِّ قَوْلِ الَّذِينَ بَاعُوا بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ اجْعَلِي لَنَا الْوَلَاءَ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَلَاؤُهُ لَهُ] أَيْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ. [قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ عَامٌّ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ فَيُخَصَّصُ بِمَنْطُوقِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ لَا وَلَاءَ لَهُ مُطْلَقًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لَا فَيُخَصَّصُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ.

[قَوْلُهُ: وَلَاءُ مَنْ يُجَرُّ وَلَاؤُهُ لَهَا] بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَوْلُهُ: وَلَاؤُهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُجَرُّ. وَقَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ بَيَانٌ لِمَنْ فَإِذَا أَعْتَقَتْ ذَكَرًا كَانَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَسَيَأْتِي تَتْمِيمُهُ. [قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَ تَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>