للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] فَقَيَّدَهَا بِالْإِيمَانِ وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَيِّدَةٌ لِلْآيَةِ الْأُخْرَى الْمُطْلَقَةِ

(وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ (وَلَا) عِتْقُ (الْمُوَلَّى عَلَيْهِ) وَهُوَ السَّفِيهُ الَّذِي يَضَعُ الْمَالَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ج: اُخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَمْضِي

(وَ) مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ (الْوَلَاءُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا (لِمَنْ أَعْتَقَ) فَسَبَبُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ. ابْنُ شَاسٍ: فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ يَكُونُ السَّيِّدُ عَبْدًا أُعْتِقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَالسَّيِّدُ الْكَافِرُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى عَتِيقَةِ الْمُسْلِمِ بَلْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَالْعَبْدُ إذَا أَعْتَقَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا وَإِنْ عَتَقَ وَإِذَا أَعْتَقَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ حَتَّى أُعْتِقَ الْعَبْدُ

ــ

[حاشية العدوي]

رَقِيقًا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ] أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَالْمَجْنُونِ. [قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ] أَيْ لِفَقْدِ الرُّشْدِ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ السَّفِيهُ الَّذِي يَضَعُ الْمَالَ إلَخْ] وَلَوْ فِي شَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُبَاحَةٍ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَمْضِي] لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ كَمَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ.

[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا] مِنْ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُكْمَ الْعُصُوبَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا. [قَوْلُهُ: لِمَنْ أَعْتَقَ ذَكَرًا] أَوْ أُنْثَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْوَلَاءَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءَ بِالْجَرِّ، وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ النَّاجِزَ وَلِأَجَلِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ عَنْ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ مَيِّتًا فَالْوَلَاءُ لِوَرَثَتِهِ كَانَ الْعِتْقُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْذُورٍ أَوْ بِسَبَبِ حَلِفٍ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَاطَعَهُ فَأَدَّى وَخَرَجَ حُرًّا أَوْ أُعْتِقَ عَلَيْهِ لِقَرَابَةٍ أَوْ مُثْلَةٍ مَثَلًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ فَإِنَّ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ مَاتَ وَجُهِلَتْ أَرْبَابُ التَّبِعَاتِ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا وَكَانَ غُرَمَاؤُهُ مُعَيَّنِينَ حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ جَازَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَإِلَّا رَدَّ وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَهُمْ. [قَوْلُهُ: فَالسَّيِّدُ الْكَافِرُ لَا وَلَاءَ لَهُ] حَاصِلُ الْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتَقِ الْكَافِرِ.

وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ.

وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَنْتَقِلُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَعُودُ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِعَوْدِ الْوَلَاءِ هُنَا إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ لَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَكَمَا لَا تَزُولُ عَنْهُ الْأُبُوَّةُ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ، وَكَذَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ فَيَرِثُهُ أَيْضًا بِالْأَوْلَى.

وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ أَقَارِبُ كُفَّارٌ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمْ، وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ فَيَعُودُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ. [قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ إذَا أَعْتَقَ إلَخْ] حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّقِيقَ الْقِنَّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَلَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَجَازَ.

وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ لَا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى، هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَهُ لَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إنْ رَضِيَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ رِقًّا لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى. وَقَوْلُنَا: إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الَّذِي حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الشَّارِحِ إلَخْ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَكَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ قُرْبٍ وَكَمُكَاتَبٍ لَمْ يَرُدَّهُ السَّيِّدُ وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ فَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا عَلِمَ السَّيِّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>