للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِئْرٍ، وَيَحْتَمِلُ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمُشَاعِ

وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ، أَحَدُهَا: التَّرْكُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: أَسْقَطْت شُفْعَتِي وَالْمُعْتَبَرُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَمًّا قَبْلَهُ فَكَالْعَدِمِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ.

ثَانِيهَا: مَا يَدُلُّ عَلَى التَّرْكِ كَرُؤْيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيَغْرِسُ وَهُوَ سَاكِتٌ.

ثَالِثُهَا: تَرْكُ الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَقْدِ وَحُضُورِهِ بِالْبَلَدِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّيْخِ: (وَلَا شُفْعَةَ لِلْحَاضِرِ) يَعْنِي فِي الْبَلَدِ دُونَ الْعَقْدِ (بَعْدَ السَّنَةِ) أَمَّا إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

مُرَتَّبًا. فَقَوْلُهُ: النَّخْلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَحْلٍ. وَقَوْلُهُ: الْأَرْضُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَعَ بِئْرٍ وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ لِنَخْلٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. [قَوْلُهُ: إذَا بَاعَهُ] الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْفَحْلِ وَالْبِئْرِ. وَقَوْلُهُ: مَعَ أَصْلِهِ أَيْ الْأَرْضِ، وَإِنَاثِ النَّخْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ إنَاثَ النَّخْلِ أَصْلُ الْفَحْلِ وَالْأَرْضَ أَصْلُ الْبِئْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.

[قَوْلُهُ: فِيمَا اشْتَرَى بِغَيْرِ فَحْلٍ] فِيمَا إذَا قَسَمَ النَّخْلَ الْإِنَاثَ وَبَقِيَ الْفَحْلُ وَبَاعَ حِصَّتَهُ إنَاثَ النَّخْلِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الْفَحْلِ فَلَوْ جُوِّزَتْ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ لَصَارَ مَعَ الشَّرِيكِ الْفَحْلُ كُلُّهُ وَبَقِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الَّذِي فِيهِ الشَّرِكَةُ الَّذِي هُوَ الْفَحْلُ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ: وَلَا بِئْرٍ فِيمَا إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَقِيَتْ الْبِئْرُ بِلَا قِسْمَةٍ. [قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً] أَيْ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ مُتَعَلَّقِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً، وَمُتَعَلَّقُ الْأَرْضِ الْبِئْرُ وَمُتَعَلَّقُ النَّخْلِ الْفَحْلُ. وَقَوْلُهُ: فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ أَيْ فِي مُتَعَلَّقِ مَا ذَكَرَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِئْرِ إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ ظَاهِرُهُ اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْبَاجِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْوِفَاقِ فَحَمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْبِئْرِ الْمُتَّحِدَةِ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْآبَارِ الْمُتَعَدِّدَةِ أَوْ تُحْمَلُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى بِئْرٍ لَا فِنَاءَ لَهَا، وَالْعُتْبِيَّةُ عَلَى بِئْرٍ لَهَا فِنَاءٌ. [قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي الْأَرْضِ إلَخْ] مُرَادُهُ وَلَا شُفْعَةَ بِغَيْرِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ فِي كَحَائِطٍ لِأَنَّهَا فِيهِ إنَّمَا تَكُونُ تَبَعًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا إلَخْ يُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَا بِأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ] أَيْ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ وَالْمَقَاثِئِ وَالْقُطْنِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقَرْعِ وَكُلِّ مَا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ الثَّمَرَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَيَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ أَنْ تُبَاعَ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ مُنْفَرِدَةً عَنْهُ، وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ وَالزَّرْعِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الزَّرْعِ حِصَّتَهُ مِنْهُ بَعْدَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ سَوَاءٌ بَاعَهَا مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ الْأَرْضِ، وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَهُ فَكَالْعَدِمِ] وَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ كَإِنْ اشْتَرَيْت أَنْتَ فَقَدْ أَسْقَطْت أَنَا شُفْعَتِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَيَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي هَذَيْنِ الْحَقَّ لِلَّهِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ، وَأَيْضًا الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ لِلْفُرُوجِ. [قَوْلُهُ: كَرُؤْيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي يَهْدِمُ وَيَبْنِي إلَخْ] الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ يَهْدِمُ أَوْ يَبْنِي، وَكَذَا الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَيَغْرِسُ أَيْ يَهْدِمُ مَا لَا يُهْدَمُ أَوْ يَبْنِي مَا لَا يُبْنَى، وَأَمَّا لَوْ هَدَمَ مَا يُهْدَمُ أَوْ بَنَى مَا يُبْنَى فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَهُ بَعْضٌ.

وَقَالَ آخَرُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ لِلْإِصْلَاحِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا. [قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّنَةِ] وَلَوْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهَا قَالَهُ أَشْهَبُ. [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَسَكَتَ] أَيْ وَكَتَبَ خَطَّهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَيْ وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ فَقَدْ أَخَلَّ بِذَلِكَ الْقَيْدِ، فَإِذَا حَضَرَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَسْقُطُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ.

وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ بِأَنْ قَالَ: أَنَا جَهِلْت وُجُوبَ الشُّفْعَةِ لِي هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. فَقَالَتْ: وَإِذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِكَتْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>