للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَهْرَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ (وَ) أَمَّا (الْغَائِبُ) غَيْبَةً بَعِيدَةً فَإِنَّهُ (عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ) إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَبْلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لَهُ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَيْسَ لِلْبُعْدِ وَالْقُرْبِ حَدٌّ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ إذْ لَيْسَ الرَّجُلُ كَالْمَرْأَةِ وَلَيْسَ الضَّعِيفُ كَالْقَوِيِّ وَلَا الطَّرِيقُ الْمَأْمُونَةُ كَالْمَخُوفَةِ، وَقَيَّدْنَا بِمَا إذَا كَانَتْ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَئُوبُ مِنْ سَفَرِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْحَدِّ الْمُؤَقَّتِ فِي الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ عَاقَهُ عَائِقٌ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ هُنَالِكَ

(وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) ك: إنْ اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَ فِيهَا شَيْئًا، وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّهَادَةِ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ تَأْثِيرًا، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَارَبَ السَّنَةَ مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا لَهُ حُكْمُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ.

قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَثَائِقِ: وَذَلِكَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ، وَحُكِيَ فِي الطِّرَازِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.

وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَكَلَامُ ابْنِ الْهِنْدِيِّ هُوَ الرَّاجِحُ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغَائِبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً] احْتَرَزَ عَنْ الْقَرِيبَةِ الَّتِي لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهَا فَكَالْحَاضِرِ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ خَلِيلٍ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ، وَلِمَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ بِطُرَّةِ بَهْرَامَ، وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً فِيمَا ذَكَرَ، وَغِيبَةُ الشَّخْصِ الْمُشْتَرِي كَغِيبَةِ الشَّفِيعِ وَغَيْبَتُهُمَا عَنْ مَحَلِّ الشِّقْصِ غَيْبَةٌ بَعِيدَةٌ وَهُمَا بِمَكَانٍ كَحُضُورِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِغَيْبَةِ الشِّقْصِ فِي هَذِهِ.

[قَوْلُهُ: عَلِمَ بِالْبَيْعِ] أَيْ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ حَتَّى غَابَ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ غِيبَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ الْعَالِمِ بِالْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا مِنْ يَوْمِ قُدُومِهِ، فَإِذَا تَنَازَعَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْغَيْبَةِ الطَّوِيلَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَهُ: أَنْتَ عَلِمْت بِالْبَيْعِ وَغِبْت غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَ الشَّفِيعُ: مَا عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ شُفْعَتَهُ وَلَهُ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْعِلْمِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَادَّعَى جَهْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَجْهَلُونَ أَمْرَ الشُّفْعَةِ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا يَكُونُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْقِطًا لِشُفْعَةِ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ عَاقِلًا بَالِغًا رَشِيدًا عَالِمًا بِالْبَيْعِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ أَوْ يَزُولَ الْعُذْرُ فَيَنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ كَانَ حَاضِرَ الْعَقْدِ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْبُعْدِ وَالْقُرْبِ حَدٌّ عَلَى الصَّحِيحِ] مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ تِسْعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ بَعِيدٌ اتِّفَاقًا وَثَلَاثَةً فَمَا دُونَهَا قَرِيبٌ اتِّفَاقًا، وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلَى ثَمَانِيَةٍ هَلْ هُوَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ أَوْ الْقَرِيبِ.

[قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَئُوبُ] أَيْ لَا يَرْجِعُ.

[قَوْلُهُ: وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ] أَيْ يَظُنُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَغِبْ، إلَّا لِظَنِّهِ الرُّجُوعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَمَحَلُّ حَلِفِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَلَامَةُ خَلِيلٌ أَنَّ بُعْدَ الزَّمَانِ فِي غَيْبَته، وَأَمَّا إنْ جَاءَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَمْ يَحْلِفْ وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ بِالْعُرْفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعَائِقِ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ.

[قَوْلُهُ: وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي] أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ بِشِرَاءِ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ قَالَهُ عج، فَإِذَا تَكَرَّرَ فِي الشِّقْصِ الْبَيْعُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَعُهْدَتُهُ وَهِيَ ضَمَانُ الشِّقْصِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَمَا إذَا كَانَ عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْأَخِيرُ عَشْرَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشْرَةً وَيَدْفَعُ الْعَشَرَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>