للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ فَإِمَّا أَخَذَ أَوْ تَرَكَ) يَعْنِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُومَ عَلَى الشَّفِيعِ وَيُلْزِمَهُ بِالتَّرْكِ أَوْ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، فَإِنْ امْتَثَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا رَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِيَخْتَارَ أَوْ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ أُخِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

(وَلَا تُوهَبُ الشُّفْعَةُ وَلَا تُبَاعُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَهَبَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ لِغَيْرِ الْمُبْتَاعِ وَلَا يَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: قَدْ وَهَبْتُك شُفْعَتِي الَّتِي وَجَبَتْ لِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنِّي بِكَذَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ لِلشَّرِيكِ لِأَجْلِ إزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ شَرِكَتَهُ وَلَا مُعَامَلَتَهُ، وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا لِلْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ:

وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِشُرَكَاءَ فِي دَارٍ مَثَلًا (وَ) اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِيهَا فَإِنَّهَا (تُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ لِأَحَدٍ النِّصْفُ وَلِآخَرَ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ السُّدُسُ فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ فَإِنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَأْخُذُ ثُلُثَ الشِّقْصِ،

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَدْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشْرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ اسْتَحَقَّهَا أَيْ اسْتَحَقَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ أَحَدٌ أَيْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهِ أَوْ عَلِمَ فِي غَيْبَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا بِتَعَدُّدِهِ فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ بِشَرِكَةِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ عَامِلُ الْقِرَاضِ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا هُوَ شَفِيعُهُ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا وَرَبُّ الْمَالِ هُوَ شَفِيعُهُ فَإِنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ فِي هَاتَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِمَا لَضَاعَ الثَّمَنُ عَلَى دَافِعِهِ.

[قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ] أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلُزُومِهِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُوقِفُهُ أَوَّلًا بِنَفْسِهِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُطَالِبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَظَاهِرُهُ ابْتِدَاءً وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُؤَيِّدُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْكُ لِيُعْلِمَ الشَّفِيعَ وَإِنَّمَا يَنْدُبُ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: فَأَمَّا أَخْذٌ أَوْ تَرْكٌ] فَإِنْ اخْتَارَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِيَ وَهَبَ الشِّقْصَ أَوْ حَبَسَهُ، فَإِنَّ لَهُ نَقْضَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ وَلَوْ كَانَ مَسْجِدًا، وَانْظُرْ هَلْ يَفْعَلُ بِالْإِنْقَاضِ كَيْفَ شَاءَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَوْ لَا وَمِنْ الْهِبَةِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ لَهُ شَفِيعًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَوَهَبَهُ لِلْغَيْرِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ.

[قَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ إلَخْ] أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا وَيَأْخُذُهُ بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَعَقْدِ شِرَاءٍ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ [قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ] وَيَأْخُذُهُ أَيْضًا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ وَصُلْحِ عَمْدٍ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ يُوقَفُ لِلْأَخْذِ وَالتَّرْكِ بِلَا إمْهَالٍ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ السَّنَةِ وَالشَّهْرَيْنِ فَهُوَ عِنْدَ عَدَمِ قِيَامِ الْمُشْتَرِي، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِيَخْتَارَ إلَخْ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الَّذِي قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَإِذَنْ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ مِنْهُ] أَيْ لَهُ [قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا لِلْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ] الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الشُّفْعَةِ الْأَخْذُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ لَدَفْعِ الضَّرَرِ، وَإِذَا بِيعَتْ كَانَ مِنْ أَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالْمُرَادُ بِالْهِبَةِ فِي كَلَامِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ حَتَّى يَظْهَرَ التَّعْلِيلُ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ

[قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ] هَذَا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ وَبِيعَ لِأَجْنَبِيٍّ.

وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَنْصِبَاءُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَطَاحُونٍ وَمَعْصَرَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى الرُّءُوسِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُنَا: لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الشُّرَكَاءِ لَتَرَكَ لَهُ حِصَّتَهُ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا، لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الرُّبُعُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ أَيْضًا وَلِآخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>