للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ أَيْ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْيَسَارُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْغَنِيِّ بِقَدْرِهِ وَمِمَّنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ هَلْ تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ فِيهِ أَمْ لَا فَقَالَ: (وَأَمَّا الْمَأْمُومَةُ وَالْجَائِفَةُ عَمْدًا فَقَالَ) إمَامُنَا (مَالِكٌ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَادُ مِنْ عَمْدِهِمَا) وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ (وَكَذَلِكَ مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يُقَادُ مِنْهُ) فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ (لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ) أَيْ لَا يُقَادُ مِنْهُ لِخَوْفِ تَلَفِ النَّفْسِ.

تَنْبِيهٌ: فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجِرَاحِ مَا يَكُونُ عَقْلُهُ مُقَدَّرًا بِالثُّلُثِ إلَّا الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ قَالَهُ ع، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ.

ــ

[حاشية العدوي]

الْعَاقِلَةَ عِدَّةُ أُمُورٍ: أَهْلُ الدِّيوَانِ وَلَوْ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَالْعَصَبَةُ وَالْمَوَالِي وَبَيْتُ الْمَالِ، فَأَهْلُ الدِّيوَانِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَةِ إنْ كَانَتْ لَهُمْ جَوَامِكُ تُصْرَفُ لَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ فَعَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَبَيْتُ الْمَالِ وَهَلْ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي.

قَالَ الشَّيْخُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تُقَسَّطُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالرِّفْقِ مِنْ الْعَاقِلَةِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَحَدُّ الْعَاقِلَةِ إلَخْ أَيْ عَلَى قَوْلٍ، وَقِيلَ حَدُّهَا الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ زِيَادَةٌ لَهَا بَالٌ كَالْعِشْرِينِ فَفَوْقُ، أَيْ وَقَدْرُ أَقَلِّهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ وَهُمَا لِسَحْنُونٍ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمَّلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ فَيَحْمِلُونَ مَا نَابَهُمْ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِمْ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ، وَالْجَانِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحَمَلَ بَيْتُ الْمَالِ مَثَلًا مَا بَقِيَ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى الْجَانِي كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بَيْتُ مَالٍ وَلَا عَاقِلَةٌ.

وَلَا يَلْزَمُ مَنْ وَجَدَ مِنْ الْعَاقِلَةِ دُونَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ حَمْلُ جَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَيْهَا وَهَذَا حَدٌّ لِلْعَاقِلَةِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: يُنْسَبُونَ إلَى أَبٍ وَاحِدٍ ظَاهِرٌ فِي الْعَاقِلَةِ الَّذِينَ هُمْ الْعَصَبَةُ فَقَطْ، فَإِذَا كَمُلَ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ إخْوَةِ الْجَانِي فَلْيَكُنْ الْأَبُ الْمَنْسُوبُ لَهُ أَبًا لِلْجَانِي، وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ فَلْيَكُنْ الْأَبُ الْمَنْسُوبُونَ لَهُ جَدًّا لِلْجَانِي وَهَكَذَا.

[قَوْلُهُ: الْحُرِّيَّةُ] فَالْعَبْدُ لَا يَعْقِلُ وَلَا يُعْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ فِي رَقَبَتِهِ. وَقَوْلُهُ: وَالذُّكُورِيَّةُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِخُرُوجِهَا مِنْ قَوْلِنَا وَهِيَ الْعَصَبَةُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي إذْ هِيَ شَامِلَةٌ لِلْإِنَاثِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ.

[قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ] فَالصَّبِيُّ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْإِتْلَافِ.

[قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ] فَالْمَجْنُونُ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ.

[وَقَوْلُهُ: وَالْيَسَارُ] فَالْفَقِيرُ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ فَيُتَّبَعُ إذَا كَانَ مُعْدِمًا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْمَرْأَةَ وَالْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ لِلْإِتْلَافِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَلَاءِ وَالْعُسْرِ وَالْبُلُوغِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَا يُعْتَبَرُ الْحُضُورُ لَا إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ اسْتَغْنَى فَقِيرٌ أَوْ تَحَرَّرَ عَبْدٌ أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ بَعْدُ، وَكَذَا إذَا قَدِمَ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ عِنْدَ وَقْتِ ضَرْبِهَا فَلَا ضَرْبَ عَلَيْهِ أَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ عِنْدَ هُمْ فَصَارَ كَأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ إذْ لَا يُضَمُّ أَهْلُ إقْلِيمٍ لِأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ، وَأَمَّا غَائِبُ الْحَجِّ أَوْ الْغَزْوِ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَانِي، وَأَمَّا الْجَانِي نَفْسُهُ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً، فَإِذَا ضُرِبَتْ عَلَيْهَا بِقَدْرِ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُمَّ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ أَوْ مَاتَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ وَتَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ

[قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ] وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُكَرَّرٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ لِشُمُولِ هَذَا لِمِثْلِ الْفَخِذِ وَعَظْمِ الصَّدْرِ مِمَّا يَبْلُغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>