للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَهُوَ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: ٩٢] فَأَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِقَتْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ (وَتُعَاقِلُ) أَيْ تُسَاوِي (الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا (إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا يُرِيدُ وَلَا تَسْتَكْمِلُ الثُّلُثَ لِقَوْلِهِ: (فَإِذَا بَلَغَتْهَا) صَوَابُهُ بَلَغَتْهُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُذَكَّرٌ لَكِنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ اكْتِسَابِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (رَجَعَتْ) أَيْ رُدَّتْ (إلَى عَقْلِهَا) أَيْ إلَى قِيَاسِ دِيَتِهَا، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ بَعِيرًا لِمُسَاوَاتِهَا لِلرَّجُلِ فِيمَا يَقْصُرُ عَنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ، وَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا عِشْرُونَ بَعِيرًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَاوَتْهُ لَلَزِمَ أَنْ يَجِبَ لَهَا أَرْبَعُونَ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ فَلِذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى نِصْفِ الْوَاجِبِ لِلرَّجُلِ وَهُوَ عِشْرُونَ، وَعَلَى هَذَا إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ.

(وَالنَّفَرُ) عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْجَمَاعَةُ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا (يَقْتُلُونَ رَجُلًا فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ) جَمِيعًا سَوَاءٌ بَاشَرُوا الْقَتْلَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ حَاضِرُونَ بِشُرُوطٍ إنْ ثَبَتَ قَتْلُهُمْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَأَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ عَلَى قَتْلِهِ، وَأَنْ تَتَكَافَأَ الدِّمَاءُ وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ. .

(وَالسَّكْرَانُ) بِمُحَرَّمٍ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ قَاصِدًا شُرْبَهُ (إنْ قَتَلَ قُتِلَ) ظَاهِرُهُ طَافِحًا كَانَ أَوْ نَشْوَانًا؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُعْذَرُ مُطْلَقًا نَشْوَانًا أَوْ طَافِحًا قَالَهُ ق.

وَقَالَ ع: يُرِيدُ النَّشْوَانَ الَّذِي مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ، وَأَمَّا الطَّافِحُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا وَحَكَى الْخِلَافَ فِي النَّشْوَانِ انْتَهَى. .

(وَإِنْ قَتَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْحُكُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ

[قَوْلُهُ: أَيْ تُسَاوِي] فَتَأْخُذُ فِي أَطْرَافِهَا مِثْلَ مَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ، وَتَسْتَمِرُّ مُسَاوِيَةً إلَى أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ وَالْغَايَةُ خَارِجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.

[قَوْلُهُ: أَيْ إلَى قِيَاسِ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ وَأَرَادَ بِالْقِيَاسِ الِاعْتِبَارَ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ إلَخْ] أَيْ بَلْ إذَا قَطَعَ لَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أُنْمُلَةً فَيَرْجِعُ إلَى عَقْلِهَا، وَكَذَا إذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً وَأُنْمُلَةً فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ فَلَهَا فِي الْمُنَقِّلَةِ وَفِيمَا نَقَصَ مِنْ الْأَصَابِعِ عَنْ الثَّلَاثِ وَأُنْمُلَةٍ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ ثَلَاثٍ وَأُنْمُلَةٍ أَوْ الْجَائِفَةِ أَوْ الدَّامِغَةِ أَوْ الْآمَّةِ نِصْفُ مَا لِلرَّجُلِ.

[قَوْلُهُ: وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ] جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: فَخُذْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَةُ وَلَا يَخْفَى أَنْ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُعَاقَلَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا مُعَاقَلَةَ فِي شَيْءٍ

[قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ] يُخَالِفُ مَا عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ، فَقَالَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَمَا فَوْقَ التِّسْعَةِ إلَى الْعَشَرَةِ رَهْطٌ، وَمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ عُصْبَةٌ وَمَا فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْمِائَةِ أُمَّةٌ ذَكَرَهُ تت.

[قَوْلُهُ: يَقْتُلُونَ رَجُلًا] أَيْ أَوْ امْرَأَةً فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِي التَّمَالُؤِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ بَاشَرُوا الْقَتْلَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى قَتْلِهِ] أَيْ مُتَمَالِئِينَ عَلَى قَتْلِهِ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَتَكَافَأَ الدِّمَاءُ] أَوْ أَدْنَى مِنْ الْمَقْتُولِ إلَّا إنْ كَانُوا أَعْلَى مِنْهُ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ] لَا صِبْيَانًا وَنَحْوَهُمْ

[قَوْلُهُ: بِمُحَرَّمٍ] أَيْ بِمُحَرَّمٍ شُرْبُهُ كَخَمْرٍ وَلَبَنٍ حَامِضٍ شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ سَكِرَ بِغَيْرِ مُحَرَّمٍ كَأَنْ سَكِرَ بِدَوَاءٍ أَوْ لَبَنٍ لَيْسَ شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ، فَكَالْمَجْنُونِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ عَنْ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِإِسَاغَةِ غُصَّةٍ.

[قَوْلُهُ: قَاصِدًا] شُرْبَهُ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ، أَيْ يَعْلَمُ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ شُرْبَهُ لِكَوْنِهِ يَظُنُّهُ لَبَنًا.

[قَوْلُهُ: إنْ قَتَلَ قُتِلَ] أَيْ إنْ قَتَلَ مَعْصُومًا مُكَافِئًا لَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ وَكَانَ بَالِغًا.

[قَوْلُهُ: أَوْ نَشْوَانًا] عَلَى زِنَةٍ سَكْرَانَ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ مُطْلَقًا] وَهُوَ الرَّاجِحُ وَكَلَامُ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ

[قَوْلُهُ: انْتَظَرَ حَتَّى يُفِيقَ] فَإِذَا آيَسَ مِنْ إفَاقَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>