مَجْنُونٌ) مُطْبِقٌ لَا يُفِيقُ مِنْ جُنُونِهِ (رَجُلًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا إنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَقَتَلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، أَمَّا إذَا قَتَلَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ ثُمَّ جُنَّ اُنْتُظِرَ حَتَّى يُفِيقَ فَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ حَالَ إفَاقَتِهِ بِلَا إشْكَالٍ.
(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَإِ) فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَذَلِكَ) أَيْ مَا جَنَاهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ تَجِبُ دِيَتُهُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ) مَا جَنَاهُ تَبْلُغُ دِيَتُهُ (ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ الدِّيَةِ (فَ) دِيَةُ مَا جَنَاهُ (فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
(وَتُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ) اتِّفَاقًا (وَ) يُقْتَلُ (الرَّجُلُ بِهَا) عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وَهِيَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ (وَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ لِبَعْضِ جِنْسِ مَنْ ذَكَرَ (مِنْ بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] .
(وَلَا يُقْتَلُ) مُسْلِمٌ (حُرٌّ بِعَبْدٍ) مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ قِنًّا أَوْ بَعْضُهُ، أَوْ كَانَ فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُكَاتَبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ فَيُقْتَلُ بِهِ (وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ (الْعَبْدُ) ع: يُرِيدُ إذَا شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَسْتَحْيُوهُ، فَإِنْ اسْتَحْيُوهُ كَانَ السَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ يُعْطِي دِيَةَ الْمَقْتُولِ (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (بِ) قَتْلِ (كَافِرٍ وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ يُقْتَلُ بِالْمُسْلِمِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ (الْكَافِرُ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي جِرَاحٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِوُجُودِ التَّكَافُؤِ فِي الدِّمَاءِ فَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ الْحُرَّ فَالْعَبْدُ فِيمَا جَنَى، وَإِنْ جَنَى الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي عُضْوٍ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ عَقْلُ ذَلِكَ مَنْسُوبًا مِنْ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ مَا
ــ
[حاشية العدوي]
فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمَ حَاكِمٍ يَرَى السُّقُوطَ، وَإِذَا شَكَّ هَلْ قَتَلَ حَالَ الْجُنُونِ أَوْ حَالَ الْإِفَاقَةِ فَجَزَمَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَازِمَةٌ قِيلَ لِعَاقِلَتِهِ وَقِيلَ لَهُ: وَلَا سَبِيلَ لِإِسْقَاطِهَا
[قَوْلُهُ: وَعَمْدُ الصَّبِيِّ] الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَوْ أُنْثَى.
[قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ] وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الثَّانِي خِلَافًا فِي بَابِ الْغَصْبِ فَرَاجِعْهُ.
[قَوْلُهُ: ثُلُثَ الدِّيَةِ] أَيْ دِيَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: فَدِيَةُ مَا جَنَاهُ فِي مَالِهِ] أَيْ عَلَى الْحُلُولِ
[قَوْلُهُ: وَتُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ] وَالرَّجُلُ بِهَا حَيْثُ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ رَقِيقًا وَالْمَقْتُولُ حُرًّا.
[قَوْلُهُ: عِنْدَ الْجُمْهُورِ] أَيْ وَمُقَابِلُهُ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ لِبَعْضِ جِنْسِ مَنْ ذُكِرَ] أَيْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيُقْتَصُّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَعَكْسُهُ
[قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرٌّ بِعَبْدٍ إلَخْ] احْتَرَزَ عَنْ الْحُرِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْحُرِّ قِيمَتُهُ وَفِي جَرْحِهِ مَا نَقَصَ قِيمَتَهُ، وَيَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ] أَيْ وَهُوَ الْمُبَعَّضُ.
[قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ إلَخْ] وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ مِنْ رَقِيقٍ عَلَى رَقِيقٍ فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ قِنًّا مَحْضًا وَالْقَاتِلُ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَفِي الْخَطَإِ جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ.
[قَوْلُهُ: فَالْعَبْدُ فِيمَا جَنَى] أَيْ فِي جِنَايَتِهِ.
[قَوْلُهُ: فَفِيهِ عَقْلُ ذَلِكَ إلَخْ] فَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا فِيهِ، وَمَا عَدَا تِلْكَ الْجِرَاحَاتِ مِنْ يَدٍ وَعَيْنٍ وَرِجْلٍ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهَا.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ حِينَ الْقَتْلِ ثُمَّ زَالَتْ الْمُسَاوَاةُ قَبْلَ الْقِصَاصِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ، فَإِذَا قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ أَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُسَاوَاةُ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَدْ وُجِدَتْ.