نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) قِصَاصَ (بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فِي جُرْحٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي جُرْحِ الْعَبْدِ، فَإِنْ جَنَى الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ إنْ كَانَ مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ، وَإِنَّ جَنَى الْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى وَالْحُكُومَةُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى.
(وَالسَّائِقُ) الَّذِي يَضْرِبُ الدَّابَّةَ مِنْ خَلْفِهَا (وَالْقَائِدُ) الَّذِي يَجُرُّهَا مِنْ أَمَامِهَا (وَالرَّاكِبُ) الَّذِي عَلَى ظَهْرِهَا (ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْهُ) أَيْ صَدَمَتْهُ (الدَّابَّةُ) بِرِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ضَبْطِهَا وَإِمْسَاكِهَا، يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ اجْتَمَعُوا وَأَصَابَتْ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ دُونَ الرَّاكِبِ إلَّا أَنَّ كَوْنَ فِعْلِهَا ذَلِكَ مِنْ سَبَبِهِ فَيَضْمَنُ خَاصَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَوْنٌ مِنْ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ (وَمَا كَانَ مِنْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ مِنْ الْإِتْلَافِ (مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ) أَيْ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَالرَّاكِبِ (أَوْ وَهِيَ وَاقِفَةٌ لِغَيْرِ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ (فُعِلَ بِهَا) مِنْ ضَرْبٍ أَوْ نَخْسٍ وَنَحْوِهِ (فَذَلِكَ) الْفِعْلُ مِنْهَا (هَدَرٌ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِعْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» الْعَجْمَاءُ بِالْمَدِّ كُلُّ حَيَوَانٍ سَوَاءٌ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْجُبَارُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ الْهَدَرُ الَّذِي لَا دِيَةَ فِيهِ.
(وَمَا مَاتَ فِي بِئْرٍ أَوْ مَعْدِنٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ فَهُوَ هَدَرٌ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا انْهَارَ الْمَعْدِنُ أَوْ الْبِئْرُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ فَهَلَكَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ مُسْتَأْجِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ فِيهِ لِمُكَلَّفٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ.
(وَتُنَجَّمُ) أَيْ تُقَسَّطُ (الدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ الْمَأْخُوذَةُ فِي الْخَطَإِ
ــ
[حاشية العدوي]
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا قِصَاصَ إلَخْ] حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ سَاوَى الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ وَالنَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِيهِمَا لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ لَا فِي جُرْحٍ وَلَا نَفْسٍ، وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْهُ فِيهِمَا اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ دُونَ الْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا الْحُرِّيَّةُ فَقَطْ وَالْآخَرَ الْإِسْلَامُ فَقَطْ فَمَنْ فِيهِ الْإِسْلَامُ أَعْلَى مِمَّنْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَأَجْرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَأَفْهَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْكُفَّارَ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَالْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ
[قَوْلُهُ: لِمَا وَطِئَتْهُ] وَمِثْلُ مَا وَطِئَتْ مَا لَوْ طَارَتْ حَصَاةٌ مِنْ تَحْتِ حَافِرِهَا فَكَسَرَتْ آنِيَةً مَثَلًا فَضَمَانُهَا مِنْ قَائِدِهَا مَثَلًا، وَمَفْهُومُ وَطِئَتْ الدَّابَّةُ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ وَلَدُ الدَّابَّةِ الْمَسُوقَةِ أَوْ الْمَرْكُوبَةِ أَوْ الْمَقُودَةِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: يُرِيدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ] أَيْ يُرِيدُ إذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
[قَوْلُهُ: دُونَ الرَّاكِبِ] لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ لَا يُقَدِّمُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
[قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَوْنٌ] أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْهُ عَوْنٌ فَعَلَى الْكُلِّ.
[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ] أَيْ بِأَنْ أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا وَلَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا أَوْ رَاكِبُهَا مِنْ مَنْعِهَا.
[قَوْلُهُ: أَوْ وَهِيَ وَاقِفَةٌ] أَيْ فِي مَحَلِّهَا الْمُعَدِّ لَهَا أَوْ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا كَبَابِ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ وَلَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ وُقُوفُهَا فِيهِ فَيَضْمَنُ.
قَالَ خَلِيلٌ: أَوْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ، وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهَا الْآنَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى فِيهَا حَيْثُ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهَا، وَأَمَّا مَا أَتْلَفَتْ مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهَا فَضَمَانُهُ عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ ضَرَبَهَا شَخْصٌ فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ بِقَرْنِهَا آخَرَ فَقَتَلَتْهُ، وَمِثْلُ تَسَبُّبِهِ لَوْ رَآهَا أَصَابَتْ شَيْئًا بِفَمِهَا فَتَمَكَّنَ مِنْ تَخْلِيصِهِ قَبْلَ إتْلَافِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهَا لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَ تَلَفُ شَيْءٍ مِنْ الدَّابَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مِمَّا يُوجِبُ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَيَظْهَرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسَبُّبِ
[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ إلَخْ] احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَمَاتَا فَإِنَّ نِصْفَ دِيَةِ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَهَكَذَا لَوْ كَثُرُوا لِتَسَبُّبِ كُلٍّ فِي قَتْلِهِ وَقَتْلِ مَنْ مَعَهُ فَمَا نَابَهُ سَاقِطٌ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ وَتُؤْخَذُ عَاقِلَتُهُ بِمَا تَسَبَّبَ فِي غَيْرِهِ تت.
[قَوْلُهُ: وَتُنَجَّمُ الدِّيَةُ] أَيْ وَأَمَّا قِيمَةُ الرَّقِيقِ فَهِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي. وَقَوْلُهُ: فِي الْخَطَإِ إلَخْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ