للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ أَمْ لَا (وَحُدَّتْ إلَّا أَنْ) تَظْهَرَ إمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهَا وَهِيَ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ (تُعْرَفَ بِبَيِّنَةٍ) عَادِلَةٍ (أَنَّهَا احْتَمَلَتْ حَتَّى غَابَ عَلَيْهَا) الْمُكْرِهُ وَخَلَا بِهَا (أَوْ جَاءَتْ مُسْتَغِيثَةً عِنْدَ النَّازِلَةِ) أَيْ عَقِبَ الْوَطْءِ (أَوْ جَاءَتْ تَدْمَى) إذَا كَانَتْ بِكْرًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَغِثْ سَوَاءٌ ادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا.

(وَالنَّصْرَانِيُّ) أَوْ الْيَهُودِيُّ (إنْ غَصَبَ الْمُسْلِمَةَ فِي الزِّنَا قُتِلَ) إذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؛ لِأَنَّهُ نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ بِذَلِكَ إذْ لَمْ نُعَاهِدْهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَهُوَ فِي الْحُرَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي الْأَمَةِ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ لَا يُقْتَلُ وَلَا يُحَدُّ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ الشَّدِيدَةُ. وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ طَاوَعَتْهُ لَا يُقْتَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا هِيَ فَتُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا.

(وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا أُقِيلَ وَتُرِكَ) وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ مِثْلِ أَنْ يَقُولَ: وَطِئْت فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَظَنَنْت أَنَّهُ زِنًا أَوْ لَا مِثْلُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبْدِيَ عُذْرًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ اتِّفَاقًا وَعَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

ذَرِيعَةٌ إلَى كَثْرَةِ الزِّنَا لَا سِيَّمَا مَعَ قِلَّةِ دِينِ النِّسَاءِ وَمِيلِهِنَّ لِلْوَطْءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ أَيْ الْإِكْرَاهُ أَمْ لَا.

[قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُعْرَفَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ] قِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَخَبَرُهُ يُورِثُ الشُّبْهَةَ الْمُسْقِطَةَ لِلْحَدِّ مِنْ بَابِ أَوْلَى مِنْ إسْقَاطِهَا بِاسْتِغَاثَتِهَا [قَوْلُهُ: مُسْتَغِيثَةً] أَيْ مُتَظَلِّمَةً.

[قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ] تَفْسِيرٌ لِعِنْدَ، وَالْوَطْءُ تَفْسِيرٌ لِلنَّازِلَةِ لِأَنَّ مَجِيئَهَا صَائِحَةً قَرِينَةُ غَصْبِهَا.

[قَوْلُهُ: تَدْمَى] بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ رَضِيَ يَرْضَى أَوْ عَصَى يَعْصِي.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ بِكْرًا] قَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ: لَيْسَ خَاصًّا بِالْبِكْرِ بَلْ وَكَذَا الثَّيِّبُ إذَا شُجَّتْ وَنَحْوُهُ مِنْ كَسْرِ يَدِهَا.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَغِثْ إلَخْ] ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَجِيئَهَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ مُسْقِطٌ لِحَدِّهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي سُقُوطِ حَدِّهَا مُجَرَّدُ مَجِيئِهَا تَدْمَى بَلْ لَا يَسْقُطُ حَدُّهَا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ بِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهَا كَمَجِيئِهَا صَائِحَةً أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ لَا إنْ ادَّعَتْ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَدِّهَا، وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إمَّا أَنْ تَدَّعِي عَلَى صَالِحٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ صَالِحًا فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حُدَّتْ لِلزِّنَا وَإِلَّا فَلَا وَحُدَّتْ لَهُ لِلْقَذْفِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا فَلَا حَدَّ لِلْقَذْفِ مُطْلَقًا وَتُحَدُّ لِلزِّنَا بِشَرْطَيْنِ أَنْ تَحْمِلَ وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَتُحَدُّ لِلزِّنَا إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ وَإِلَّا سَقَطَ، وَأَمَّا لِلْقَذْفِ فَإِنْ كَانَتْ تَخْشَى الْفَضِيحَةَ سَقَطَ إنْ تَعَلَّقَتْ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ لَزِمَهَا إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ فَفِيهِ خِلَافٌ. وَانْظُرْ إذَا شَكَّ هَلْ هِيَ مِمَّنْ يَخْشَى الْفَضِيحَةَ أَمْ لَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهَا عَلَى صَالِحٍ أَوْ غَيْرِهِ

[قَوْلُهُ: وَالنَّصْرَانِيُّ إنْ غَصَبَ إلَخْ] لَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا ذَكَرَ بَلْ الْمُصَالَحُ كَذَلِكَ، وَمَنْ نَزَلَ بِأَمَانٍ لِتِجَارَةٍ مَثَلًا كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: إنْ غَصَبَ الْمُسْلِمَةَ] وَأَمَّا لَوْ غَصَبَ الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ وَهِيَ زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ فَفِي قَتْلِهِ لِحُرْمَةِ الْمُسْلِمِ وَعُقُوبَتِهِ قَوْلَانِ، وَمَفْهُومُ غَصَبَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَاخْتُلِفَ فِي قَتْلِهِ وَاسْتُظْهِرَ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِالتَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِأَنَّهُ ذِمِّيٌّ فَإِنْ كَانَتْ تَجْهَلُ تَحْرِيمَ نِكَاحِهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَلَا يُقْتَلُ هُوَ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً شَدِيدَةً.

[قَوْلُهُ: بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ] رَأَوْهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَالْوَلَدُ الْمُتَخَلِّقُ مِنْ وَطْئِهِ عَلَى دِينِ أُمِّهِ وَلَا يَلْحَقُ بِأَبِيهِ وَلَوْ أَسْلَمَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ مَالِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ الشَّدِيدَةِ] وَمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ أَنَّ الْإِمَاءَ مَالٌ وَلَا قَتْلَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا] رَجَعَ فِي الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهُ.

وَأَمَّا الْهُرُوبُ فَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَكَالرُّجُوعِ، وَأَمَّا قَبْلُ فَالْحَدُّ لَازِمٌ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْهُرُوبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ لِإِذَاقَتِهِ الْعَذَابَ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَمِثْلُ رُجُوعِهِ مَا إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ صَدَاقُ الْمَزْنِيِّ بِهَا حَيْثُ كَانَتْ مُكْرَهَةً.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ اتِّفَاقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>