للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ عَلَيْهِ عِلْقٌ وَقِيلَ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) قَطْعَ (فِي الْجُمَّارِ) وَهُوَ قَلْبُ النَّخْلِ حَالَ كَوْنِهِ (فِي النَّخْلِ وَ) كَذَلِكَ (لَا) قَطْعَ (فِي الْغَنَمِ الرَّاعِيَةِ) فِي حَالِ رَعْيِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا (حَتَّى تُسْرَقَ مِنْ مُرَاحِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَوْضِعُ مَقِيلِهَا الَّتِي تُسَاقُ إلَيْهِ (وَ) كَذَلِكَ (التَّمْرُ) الْمَقْطُوعُ لَا قَطْعَ فِيهِ حَتَّى يُسْرَقَ (مِنْ الْأَنْدَرِ) وَهُوَ الْجَرِينُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا.

(وَلَا يُشْفَعُ لِمَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ فِي السَّرِقَةِ وَالزِّنَا) وَالْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَا طَلَبُهُ مِنْهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ تَابَ السَّارِقُ وَالزَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ (وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الشَّفَاعَةِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ (فِي الْقَذْفِ) فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: يَجُوزُ عَفْوُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ، وَمَرَّةً قَالَ: لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا.

(وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْكُمِّ) وَنَحْوِهِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْهُرْيِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. ك: وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِشَبَهِهِ بِمَا فِي الْجَرِينِ وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهِ بِمَا عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَسَرِقَتُهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْجَرِينِ يُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.

[قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ] إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ مَنْصُوصٌ وَبِالْقَطْعِ مُخَرَّجٌ.

[قَوْلُهُ: لَا قَطْعَ فِي الْجُمَّارِ] كَأَنَّهُ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا] فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُعَدُّ حِرْزًا فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ جَالِسًا بِهِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهَا فِي حَالِ رَعْيِهَا تَكُونُ مُفَرَّقَةً غَيْرَ مُتَّصِلَةٍ بِرَبِّهَا.

[قَوْلُهُ: مَوْضِعُ مَقِيلِهَا] أَيْ عَقِبَ الرَّوَاحِ مِنْ الْمَرْعَى وَقَبْلَ الذَّهَابِ لِلرَّعْيِ فَيُقْطَعُ السَّارِقُ لَهَا مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا، وَمِثْلُ السَّرِقَةِ مِنْ الْمَرَاحِ السَّرِقَةُ مِنْهَا حَالَ سَيْرِهَا لِلْمَرْعَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا تَكُونُ مُجْتَمَعَةً وَلِذَلِكَ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ الْإِبِلِ الْمُجْتَمِعَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ الْجَامُوسِ فِي حَالِ سَيْرِهَا لِلْمَرْعَى بِمُجَرَّدِ إبَانَتِهِ عَنْ بَاقِيهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَرِينُ] الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْجُرْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا جُمِعَ الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ فِي الْجَرِينِ وَغَابَ رَبُّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا حَائِطٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَمِنْ غَيْرِ حَارِسٍ.

[قَوْلُهُ: لِمَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ] ظَاهِرُهُ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ فِيمَا ذَكَرَ قَبْلَ عِلْمِ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ الْمَشْفُوعُ لَهُ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فِي غَيْرِ حَدِّ السَّرِقَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ.

[قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ] أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ تَابَ اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَابَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: طَلَبُهَا لِلطَّهَارَةِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَابَتْ وَكَذَا مَاعِزٌ.

[قَوْلُهُ: أَيْ فِي الشَّفَاعَةِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ] وَأَمَّا قَبْلُ فَيَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ.

[قَوْلُهُ: وَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ السَّتْرَ] وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِسُؤَالِ الْإِمَامِ خُفْيَةً عَنْ حَالِ الْمَقْذُوفِ، فَإِذَا بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ ظُهُورَ الْأَمْرِ جَازَ عَفْوُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا أَرَادَ بِعَفْوِهِ دَفْعَ ضَرَرٍ يَتَوَقَّعُ حُصُولَهُ مِنْ الْقَاذِفِ بَعْدَ حَدِّهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاذِفُ أَبًا أَوْ أُمًّا وَإِلَّا جَازَ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا وَهَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا فِي الْقَائِمِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْقَائِمُ لِغَيْرِهِ كَالِابْنِ يَقُومُ بِحَقِّ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَقَدْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ مَاتَ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الَّذِي وَجَبَ تَعْزِيرُهُ وَالشَّفَاعَةُ فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. قَالَ بَعْضٌ عَقِبَهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ

[قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ] كَالْجَيْبِ وَالْعِمَامَةِ وَالْحِزَامِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ] لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ الْحَافِظُ لَهُ فِيهِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظُ وَلَوْ نَائِمًا لَهُ شُعُورٌ، وَلَوْ سَرَقَ الشَّيْءَ وَصَاحِبَهُ لَا يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ الدَّابَّةَ مَعَ رَاكِبِهَا.

[قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ] أَيْ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>