للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَيْ ابْنِ الْجَلَّابِ. قُلْت: شُهِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ، مُقَابِلُهُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصِّبْيَانَ مَنْدُوبُونَ إلَى الِاجْتِمَاعِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ، وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا بِدِينَارٍ وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِنِصْفِ دِينَارٍ

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْفِعْلِ. الْعَاشِرُ: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بَيْنَهُمْ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتَهُمْ لِصَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ وَلَا الْعَكْسُ. الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ تَكُونَ الشُّهُودُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِمْ فِي جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. الْمَازِرِيُّ: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ صِغَارٍ لَمْ تَكُنْ الشُّهُودُ فِي جُمْلَتِهِمْ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّبِيِّ الشَّاهِدِ شُرُوطٌ أَنْ يَشْهَدَ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لَا فِي مَالٍ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا، وَأَنْ يَبْلُغَ عَشَرَ سِنِينَ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا، وَأَنْ يَكُونَ ذَكَرًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا وَأَنْ يَكُونَ عَدُوًّا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ. وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ مُطْلَقَ الْعَدَاوَةِ مَضَرَّةٌ دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ دِينِيَّةٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ قَرِيبًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ مَضَرَّةٌ فَيَشْمَلُ الْعَمَّ وَالْخَالَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ أَكِيدَةً كَمَا فِي الْبَالِغِينَ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشُّهُودِ خِلَافٌ بَلْ يَكُونُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ كَشَهَادَةِ وَاحِدٍ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ

وَأَمَّا لَوْ قَالَ الْآخَرُ إنَّ غَيْرَهُ قَتَلَ فَلَا تُقْبَلُ، وَأَنْ لَا يَحْصُلَ بَيْنَهُمْ فُرْقَةٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمْ مَظِنَّةُ تَعْلِيمِهِمْ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْعُدُولُ عَلَيْهِمْ بِمَا شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ افْتِرَاقُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُمْ بَالِغٌ وَقْتَ الْجَرْحِ أَوْ الْقَتْلِ فَإِنْ حَضَرَ وَقْتَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَهُ تَعْلِيمُهُمْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى عَدْلًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا سَقَطَتْ لِإِمْكَانِ تَعْلِيمِهِمْ هَذَا بِحَسَبِ ظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى صُورَةٍ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَهِيَ مَا إذَا اتَّحَدَ الْكَبِيرُ وَكَانَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَتْلٍ لَا فِي جَرْحٍ، وَأَنْ لَا يَشْهَدَا عَلَى كَبِيرٍ وَلَا لِكَبِيرٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ وَإِذَا شَهِدُوا وَهُمْ مُسْتَوْفُونَ لِلشَّهَادَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فِي حَالِ صِغَرِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمْ وَالْعِبْرَةُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ أَوَّلًا رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَجْرِيحُ غَيْرِهِمْ لَهُمْ وَلَا تَجْرِيحُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِبُلُوغِهِمْ وَعَدَلُوا لَقُبِلَ رُجُوعُهُمْ. وَفَائِدَةُ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ الدِّيَةُ وَلَوْ ثَبَتَ الْقَتْلُ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ.

[قَوْلُهُ: فِي الْمَأْتَمِ] أَيْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضِهِنَّ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي مَأْتَمٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَأْتَمُ بِمِيمٍ وَهَمْزَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمُ مَكَان مِنْ أَتَمَ بِالْمَكَانِ يَأْتَمُّ أُتُومًا أَقَامَ، ثُمَّ تُجُوِّزَ بِهِ عَنْ النِّسَاءِ يَجْتَمِعْنَ فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ بِاسْمِ الْمَحَلِّ.

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَالْعَامَّةُ تَخُصُّهُ بِالْمُصِيبَةِ، فَتَقُولُ: كُنَّا فِي مَأْتَمِ فُلَانٍ وَالْأَجْوَدُ فِي مَنَاحَتِهِ أَفَادَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ.

[قَوْلُهُ: مَنْدُوبُونَ] أَيْ مَطْلُوبُونَ إلَى الِاجْتِمَاعِ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّسَاءِ أَيْ فَلَسْنَ مَنْدُوبَاتٍ إلَى الِاجْتِمَاعِ بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ اجْتِمَاعِهِنَّ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى مُحَرَّمٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ] الْأَوْلَى عَلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ] تَثْنِيَةُ مُتَبَايِعٍ بِالْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ تَبَايَعَ وَالْمُرَادُ الْمُتَعَاقِدَانِ حَتَّى يَشْمَلَ الْمُتَكَارِيَيْنِ.

[قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ الثَّمَنِ] فِيهِ قُصُورٌ إذْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ إذْ هُوَ حَذْفُ مُتَعَلِّقٍ اخْتَلَفَ فَشَمِلَ الِاخْتِلَافَ فِي جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَبِعْت بِدَنَانِيرَ وَيَقُولُ الْآخَرُ بِطَعَامٍ أَوْ أَسْلَمْت فِي حِنْطَةٍ.

وَقَالَ الْآخَرُ فِي حَدِيدٍ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي نَوْعِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَبِعْت بِذَهَبٍ.

وَقَالَ الْآخَرُ: بِفِضَّةٍ أَوْ قَالَ: أَسْلَمْنَا فِي قَمْحٍ، وَقَالَ الْآخَرُ فِي شَعِيرٍ، فَإِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَتَحَالَفَانِ أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيَتَفَاسَخَانِ إنْ حُكِمَ بِهِ فَلَا يَقَعُ فَسْخٌ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ بِهِ مَا دَامَ التَّنَازُعُ مَوْجُودًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُفْسَخُ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى الْفَسْخِ. وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْفَسْخِ مُتَوَقِّفًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>