للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَاصِبٍ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يُعْلَمْ بِغَصْبِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَمَةِ (قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ) أَيْ أَخْذُ قِيمَتِهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا ثَابِتَ النَّسَبِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يُقَوَّمُ بِهِ (وَقِيلَ يَأْخُذُهَا) أَيْ الْأَمَةَ (وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَقِيلَ لَهُ قِيمَتُهَا) أَيْ أَخْذُ قِيمَتِهَا (فَقَطْ) يَوْمَ وَطْئِهَا وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ وَبِالْأَخِيرِ أَفْتَى مَالِكٌ لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الثَّمَنَ فَيَأْخُذَ مِنْ الْغَاصِبِ الَّذِي بَاعَهَا لَهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ لِلتَّخْيِيرِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَإِذَا اخْتَارَ الثَّمَنَ كَانَ كَالْمُقَرَّرِ لِبَيْعِ الْغَاصِبِ (وَ) أَمَّا (لَوْ كَانَتْ) الْأَمَةُ الْمُسْتَحِقَّةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ (بِيَدِ غَاصِبٍ) عُلِمَ بِغَصْبِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (الْحَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ (وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأَمَةِ (لِرَبِّهَا) إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ، وَلَوْ قَالَ وَوَلَدُهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْأُنْثَى لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ بِهَا لَا بِهِ، وَحُكْمُ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ عَالِمًا بِغَصْبِهِ كَحُكْمِ الْغَاصِبِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ فَقَالَ: (وَمُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ) أَيْ وَمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِغَاصِبٍ (بَعْدَ أَنْ عَمَرَتْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ الْعِمَارَةِ أَيْ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ فِيهَا بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ كَمَا خَرَجَ الرَّفْعُ بِالْمَوْتِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ حُرِّيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ لِتَدْخُلَ صُورَةُ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ.

[قَوْلُهُ: قَدْ وَلَدَتْ] أَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَلِدْ لَكَانَ لِمُسْتَحِقِّهَا أَخْذُهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى مُشْتَرِيهَا فِي وَطْئِهَا وَلَوْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا.

[قَوْلُهُ: مِنْ حُرٍّ غَيْرِ غَاصِبٍ] أَيْ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ رِقٌّ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، أَيْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ غَاصِبًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَوْ مَوْهُوبًا، وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: مِنْ حُرٍّ عَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ يَدِ رَقِيقٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِسَيِّدِهَا بِأَخْذِهَا مَعَ وَلَدِهَا بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ زِنًا. [قَوْلُهُ: أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ] أَنْوَاعٌ لِلْمِلْكِ فَلَا وَجْهَ لِلْإِتْيَانِ بِأَوْ. وَقَوْلُهُ: مِنْ غَاصِبٍ تُنَازَعُ فِيهِ هِبَةٌ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ فِيهِ قُصُورًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا اشْتَرَيْت مِنْ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْوَلَدِ] فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ حَتْفَ أَنْفِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ قُتِلَ عَمْدًا فَلَا شَيْءٌ فِيهِ عَلَى الْأَبِ إنْ اقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِهِ أَوْ عَفَا عَنْهُ لَكِنْ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْعَفْوِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ، فَلَوْ قُتِلَ خَطَأً فَالدِّيَةُ مُنَجَّمَةٌ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْهَا قَدْرَ قِيمَتِهِ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدِّيَةِ فَإِنَّ الْأَبَ يَغْرَمُ لِلسَّيِّدِ الدِّيَةَ، فَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ قِيَامِ الْمُسْتَحِقِّ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا فَقَطْ إذَا وَجَدَهَا حَيَّةً اهـ.

[قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ] أَيْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ وَلَا تَكُونُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ مِمَّنْ اسْتَحَقَّتْ مِنْ يَدِهِ، وَيَرْجِعُ مَنْ اسْتَحَقَّتْ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ سَوَاءٌ سَاوَى مَا غَرِمَهُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ نَقَصَ، وَأَمَّا لَوْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ لَرَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِبَاقِي الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ.

[قَوْلُهُ: لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ] أَيْ مُحَمَّدٍ قِيلَ: كَانَ لِمَالِكٍ ابْنَانِ يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَابْنَةٌ اسْمُهَا فَاطِمَةٌ زَوْجُ ابْنِ أُخْتِهِ، وَابْنُ عَمِّهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَقِيلَ: كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَحَمَّادٌ وَأُمُّ الْبَهَاءِ.

[قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الْأَوَّلِ] وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: عُلِمَ بِغَصْبِهِ] بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ] أَيْ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ أَبٍ أَيْ لِرَبِّهَا.

[قَوْلُهُ: وَحُكْمُ مَنْ اشْتَرَاهَا إلَخْ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مَثَلًا وَالْعَالِمُ كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: كَحُكْمِ الْغَاصِبِ] أَيْ فِي قَطْعِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَحْدَهُ حَيْثُ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مِنْهُ بَعْدَ وَطْئِهَا أَنَّهُ وَطْئِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِغَصْبِهَا فَيُحَدُّ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْوَلَدِ فِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ] أَيْ كَوَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِالْغَصْبِ.

[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ] أَيْ فَالْفِعْلُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ مُسْنَدٌ لِتَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>