الْمُسْتَحِقَّ (يَدْفَعُ) لِمَنْ أَعْمَرَهَا (قِيمَةَ الْعِمَارَةِ قَائِمًا) وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ بِمَا فِيهَا (فَإِنْ أَبَى) أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا أَعْمَرَ فِيهَا (دَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي) أَوْ مَنْ هُوَ فِي مَنْزِلَتِهِ (قِيمَةَ الْبُقْعَةِ بَرَاحًا) أَيْ لَا شَيْءَ فِيهَا (فَإِنْ أَبَى) الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ، وَفِي نُسْخَةٍ أَبَيَا بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ أَيْ الْمُسْتَحِقُّ وَالْمُشْتَرِي أَيْ أَبَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دَفْعِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ (كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) فَالْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَاَلَّذِي أَعْمَرَ بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ الْعِمَارَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَوْمَ الْبِنَاءِ.
وَقَيَّدْنَا بِمَنْ لَيْسَ بِغَاصِبٍ لِقَوْلِهِ: (وَالْغَاصِبُ) يُرِيدُ وَمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ عَالِمًا بِغَصْبِهِ (يُؤْمَرُ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَزَرْعِهِ وَشَجَرِهِ) مِنْ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ (وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ رَبُّهَا قِيمَةَ ذَلِكَ النُّقْضِ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ (وَقِيمَةَ الشَّجَرِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُخَاطَبِ مَصْدُوقُهَا الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: قَائِمًا] أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ الْغَيْرِ الْمُغَيَّا إنْ كَانَ الْبَانِي مُشْتَرِيَهَا مَثَلًا، وَعَلَى التَّأْبِيدِ الْمُغَيَّا بِحَدٍّ إنْ كَانَ الْبَانِي مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا لِلْأَرْضِ وَحَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
قَالَ تت: وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا أَنْفَقَ كَانَ الْبِنَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي] أَيْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا وَبَدَأَ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى سَبَبًا إذْ الْأَرْضُ لَهُ وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ لِلْبَانِي إذَا أَبَى الْمُسْتَحِقُّ لِيَزُولَ الضَّرَرُ عَنْهُمَا وَكَانَا شَرِيكَيْنِ إذَا أَبَيَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ، فَإِذَا قَالَ الْمَالِكُ مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ وَمَا أُرِيدُ إخْرَاجَهُ وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي الْإِلَهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
تَنْبِيهٌ
هَذَا إذَا اسْتَحَقَّتْ بِمِلْكٍ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَحَقَّتْ بِحَبْسٍ مِنْ يَدِ صَاحِبِ شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ بَنَاهَا أَوْ غَرَسَهَا فَلَيْسَ لِلْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ إلَّا نَقْضُهُ أَوْ شَجَرُهُ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ لَنَا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ يُطَالِبُهُ الْبَانِي بِقِيمَةِ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ قَائِمًا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ أَبَيَا إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى إبَايَةِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ.
[قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَتْ إلَخْ] وَيُقَالُ: مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَرَقَّعَهُ أَوْ سَفِينَةً خَرِبَةً وَأَصْلَحَهَا أَوْ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ.
[قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ يَوْمَ الْبِنَاءِ ج وَهُوَ الْأَقْرَبُ.
[قَوْلُهُ: وَالْغَاصِبُ] أَيْ لِعَرْصَةٍ وَيَبْنِيهَا أَوْ يَغْرِسُهَا.
[قَوْلُهُ: يُؤْمَرُ] بَنَى يُؤْمَرُ لِلْمَجْهُولِ لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَالِكُ.
[قَوْلُهُ: بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَزَرْعِهِ وَشَجَرِهِ] أَيْ إذَا كَانَ الزَّرْعُ قَدْ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُ الزَّرْعِ الْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَ وَقْتُ الزَّرْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُزْرَعُ مِنْهَا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِ زَرْعِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ كِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ أَوْ الشَّجَرِ فَإِنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا زُرِعَتْ الْأَرْضُ وَاسْتَحَقَّهَا صَاحِبُهَا مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ أَخَذَهُ مَالِكُ الْأَرْضِ بِلَا شَيْءٍ وَإِلَّا فَلَهُ قَلْعُهُ وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْكِرَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ مَجَّانًا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا فِي هَذَا الْقِسْمِ الثَّانِي يُعَدُّ بَائِعًا لَهُ. هَذَا إذَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَّا كِرَاءُ السَّنَةِ.
وَأَمَّا مَنْ اسْتَحَقَّهَا مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ السَّنَةِ حَيْثُ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا فَلَوْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ كِرَاءِ تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الشُّبْهَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ.
تَنْبِيهٌ
وَكَمَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ.