للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُقْلَعًا) أَيْ مَقْلُوعًا فَيُعْتَبَرُ الشَّجَرُ حَطَبًا وَالْبِنَاءُ أَنْقَاضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَعْطَاهُ رَبُّهَا قِيمَةَ نَقْضِهِ وَشَجَرِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ (بَعْدَ قِيمَةِ أَجْرِ مَنْ يَقْلَعُ ذَلِكَ) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ مَقْلُوعًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ أَجْرِ مَنْ يَقْلَعُهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ. مَا ذُكِرَ مِنْ إسْقَاطِ مِقْدَارِ الْقَلْعِ مِنْ الْقِيمَةِ مِثْلُهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ شَعْبَانَ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِعَبْدِهِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ (فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَالْهَدْمِ) كَالْجَصِّ وَالنَّقْشِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ لِمَنْ هِيَ فَقَالَ: (وَيَرُدُّ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا أَوْ شَاةً أَوْ غَيْرَهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» (وَلَا يَرُدُّهَا غَيْرُ الْغَاصِبِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . وَلَمَّا كَانَ الْوَلَدُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَخُشِيَ تَوَهُّمُ دُخُولِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالْوَلَدُ فِي الْحَيَوَانِ) غَيْرِ الْآدَمِيِّ (وَفِي الْأَمَةِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ) الْحُرِّ (يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُمَّهَاتِ مِنْ يَدِ مُبْتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْوَلَدِ حُكْمُ الْأُمِّ فِي كَوْنِهِ مِلْكًا لِمَنْ هِيَ لَهُ مِلْكٌ، وَاحْتَرَزَ بِغَيْرِ السَّيِّدِ مِمَّا لَوْ كَانَ مِنْ السَّيِّدِ، وَقَيَّدْنَا السَّيِّدَ بِالْحُرِّ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَبْدًا فَإِنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ يَأْخُذُهُ وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ غَصَبَ أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ) تَكْرَارٌ.

(وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ) بَيْتٌ وَلِآخَرَ (غُرْفَةٌ) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

[قَوْلُهُ: النُّقْضِ بِضَمِّ النُّونِ] وَعِبَارَةٌ أُخْرَى بِكَسْرِ النُّونِ كَالزَّرْعِ بِمَعْنَى الْمَزْرُوعِ

[قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ الشَّجَرُ حَطَبًا] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّجَرِ يَنْبُتُ بَعْدَ قَلْعِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

[قَوْلُهُ: مَنْ يَقْلَعُ ذَلِكَ] أَيْ أَوْ يَهْدِمُ الْبِنَاءَ

[قَوْلُهُ: مِثْلُهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُحَطُّ عَنْهُ أُجْرَةُ الْقَلْعِ وَيُؤَوَّلُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ شَعْبَانَ. وَقَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: كَالْجَصِّ وَالنَّقْشِ] أَيْ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الشَّجَرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَدَّ الِانْتِفَاعِ أَوْ الْبِنَاءِ الْكَائِنِ بِالطُّوبِ النِّيءِ، وَسَكَتَ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ الظَّفَرِ بِالْغَاصِبِ، وَنَقُولُ: إذَا غَصَبَ الدَّارَ فَسَكَنَهَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا غَصَبَ الدَّارَ فَأَغْلَقَهَا أَوْ الْأَرْضَ فَبَوَّرَهَا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدِي وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ أَخْذَ الْمَنْفَعَةِ دُونَ تَمْلِكْ الذَّاتِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ عَطَّلَ.

[قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الْغَاصِبُ] وَمِثْلُهُ اللِّصُّ وَالْخَائِنُ وَالْمُخْتَلِسُ وَنَحْوُهُمْ مِنْ كُلِّ مَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا اغْتَلَّهُ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَعُلِمَ الْكُمُّ وَإِنْ جُهِلَتْ الْكَمِّيَّةُ أَوْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً فَيَرُدُّ قِيمَتَهَا هَذَا فِيمَا نَشَأَ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَثَمَرِ الشَّجَرِ وَصُوفِ الْغَنَمِ وَلَبَنِ الْبَقَرِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْعَبْدِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ فَهِيَ لِلْغَاصِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَا لَمْ تَفُتْ الذَّاتُ الْمَغْصُوبَةُ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهَا وَإِلَّا فَلَا غَلَّةَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ فَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ اسْتَغَلَّ مِلْكَهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّهَا غَيْرُ الْغَاصِبِ] وَهُوَ صَاحِبُ الشُّبْهَةِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ، وَمِثْلُهُ مَوْهُوبُ غَيْرِ الْعَالِمِ وَمَجْهُولُ الْحَالِ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُ غَاصِبٍ، وَهَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ فَالْغَلَّةُ لِهَؤُلَاءِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ لِمُسْتَحِقِّهِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ الْحُرِّ] أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ الْحُرِّ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ: يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ.

[قَوْلُهُ: مِمَّا لَوْ كَانَ مِنْ السَّيِّدِ] فَالْمُرَادُ بِالسَّيِّدِ الْحَائِزُ لَهَا أَيْ إذَا كَانَ مِنْ السَّيِّدِ الْمُقَيَّدِ بِكَوْنِهِ حُرًّا فَهُوَ حُرٌّ بِاتِّفَاقٍ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا قِيمَتُهُ مَعَ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ قَيَّدَ السَّيِّدَ بِالْحُرِّ فَيَكُونُ مِنْ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ السَّيِّدُ الْعَبْدُ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ غَصَبَ أَمَةً] أَرَادَ بِالْغَصْبِ الْقَهْرَ عَلَى الْوَطْءِ وَلَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>