للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَضَعُفَ السُّفْلُ) وَخَافَ عَلَيْهِ الْهَدْمَ (فَإِصْلَاحُ السُّفْلِ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ) لِيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنْ الْمَنْفَعَةِ (وَ) كَذَلِكَ (الْخَشَبُ لِحَمْلِ السَّقْفِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ مُضَافٌ لِلْبَيْتِ (وَ) كَذَلِكَ (تَعْلِيقُ الْغُرَفِ) أَيْ تَدْعِيمُهَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ (إذَا وَهِيَ) أَيْ ضَعُفَ (السُّفْلُ) وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: (وَهُدِمَ) بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ هُدِمَ، قِيلَ: مَعْنَاهُ قَارَبَ أَنْ يَنْهَدِمَ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يُصْلَحَ) غَايَةٌ لِتَعْلِيقِ الْغُرَفِ (وَيُجْبَرُ) صَاحِبُ السُّفْلِ (عَلَى أَنْ يُصْلِحَ) سُفْلَهُ (أَوْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ) .

وَقَوْلُهُ: ( «وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهُوَ لَفْظُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ أَتَى بِهِ دَلِيلًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ وَهُوَ (فَلَا يَفْعَلُ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ) وَاللَّفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَلَى جِهَةِ التَّأْكِيدِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَضُرُّ لَا تُضَرُّ، وَقِيلَ: بِمَعْنَيَيْنِ فَمَعْنَى «لَا ضَرَرَ» وَلَا تَضُرُّ مَنْ لَمْ يَضُرَّك وَمَعْنَى «لَا ضِرَارَ» لَا تَضُرُّ مَنْ أَضَرَّك ثُمَّ مَثَّلَ لِمَا يَضُرُّ بِالْجَارِ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ أَحَدُهَا قَوْلُهُ: (مِنْ فَتْحِ كُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ الطَّاقَةُ وَوَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: (قَرِيبَةً يَكْشِفُ جَارَهُ مِنْهَا) بِحَيْثُ يُمَيِّزُ الذُّكُورَ مِنْ الْإِنَاثِ وَتُسَدُّ بِالْبِنَاءِ بَعْدَ هَدْمِ عَتَبَتِهَا فَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً لَا يُوصَلُ إلَى الْكَشْفِ مِنْهَا إلَّا بِتَكَلُّفٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِغَلْقِهَا. ثَانِيهَا قَوْلُهُ: (أَوْ فَتْحِ بَابٍ قُبَالَةَ بَابِهِ) ظَاهِرُهُ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ نَصُّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

يَقْصِدْ تَمَلُّكَ ذَاتِهَا

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْحَدُّ] وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا بِوَطْئِهِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْخَشَبُ لِحَمْلِ السَّقْفِ عَلَيْهِ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّقْفَ لَيْسَ لَازِمًا لِلْأَسْفَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ لَازِمٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ مَعَ صَاحِبِ الْأَعْلَى فِي السَّقْفِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِخِلَافِ الْبَلَاطِ الْكَائِنِ فَوْقَ السَّقْفِ فَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ السُّفْلَ شَامِلٌ لِلسَّقْفِ وَمَا تَحْتَهُ فَالْمُوجِبُ لِحَمْلِهِ هَذَا الْمُوهِمَ الْمُوَافَقَةُ لِعِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ قَالَتْ: وَمَا رَثَّ مِنْ خَشَبِ الْعُلُوِّ الَّذِي هُوَ أَرْضُ الْغُرَفِ وَالسَّطْحِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى رَبِّ الْأَسْفَلِ وَلَهُ مِلْكُهُ كَمَا عَلَيْهِ إصْلَاحُ مَا وَهِيَ مِنْ جُدْرَانِ الْأَسْفَلِ.

[قَوْلُهُ: قِيلَ مَعْنَاهُ قَارَبَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ عَلَى حَالِهَا وَأَنَّ الْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ، وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ كَوْنَ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ كَوْنُ هُدِمَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يُصْلَحَ] أَيْ الْوَاهِي أَوْ يُعِيدُ الْمُنْهَدِمَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ لِتَنَزُّلِ نَاظِرِ الْوَقْفِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ، فَإِذَا كَانَ الْأَعْلَى مَمْلُوكًا وَالْأَسْفَلُ مَوْقُوفًا لَزِمَ النَّاظِرَ إصْلَاحُ الْأَسْفَلِ لِحِفْظِ الْأَعْلَى.

[قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ إلَخْ] الْمُرَادُ بِالسُّفْلِ مَا نَزَلَ عَنْ غَيْرِهِ لِيَشْمَلَ الْأَوْسَطَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَوْقَهُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُهُ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ] فَإِذَا بَاعَهُ لِشَخْصٍ وَامْتَنَعَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْإِصْلَاحِ أَوْ بِبَيْعٍ مِمَّنْ يُصْلِحُ وَهَكَذَا.

[قَوْلُهُ: وَمَعْنَى «لَا ضَرَرَ» لَا تَضُرَّ مَنْ أَضَرَّك] أَيْ لَا تَفْعَلْ مَعَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا فَعَلَ مَعَك فَتُعَدُّ ضَارًّا، وَأَمَّا مِثْلُ فِعْلِهِ أَوْ أَنْقَصُ مِنْهُ فَجَائِزٌ قَالَ تَعَالَى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَأَمَّا الْأَكَابِرُ الْكُمَّلُ فَيُقَابِلُونَ الْإِسَاءَةَ بِالْمَعْرُوفِ

[قَوْلُهُ: فَتْحِ إلَخْ] أَفْهَمَ أَنَّ الْكُوَّةَ السَّابِقَةَ عَلَى بَيْتِ الْجَارِ لَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّطَلُّعِ عَلَى الْجَارِ مِنْهَا، وَالْمُتَنَازَعُ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْحُدُوثِ فَيُقْضَى بِسَدِّهِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ الضَّمُّ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ تُشْعِرُ بِتَسَاوِيهِمَا بَلْ قُدِّمَ الضَّمُّ فَقَالَ: وَالْكُوَّةُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ الثُّقْبَةُ فِي الْحَائِطِ.

[قَوْلُهُ: قَرِيبَةٍ] أَيْ مِنْ مَنْزِلِ جَارِهِ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ هَدْمِ عَتَبَتِهَا] الْعَتَبَةُ الدَّرَجَةُ أَيْ إنْ كَانَ لَهَا عَتَبَةٌ أَيْ دَرَجَةٌ يَرْقَى عَلَيْهَا لَهَا بِأَنْ كَانَ فِيهَا نَوْعُ بُعْدٍ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ النَّظَرُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الرُّقِيِّ عَلَى تِلْكَ الْعَتَبَةِ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَيُؤْمَرُ بِسَدِّهَا بَعْدَ هَدْمِ عَتَبَتِهَا لِئَلَّا يُقَدَّمَ الْأَمْرُ فَيَظُنُّ الْوَارِثُ أَنَّ لَهُ فِيهَا اسْتِحْقَاقًا.

[قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً] أَيْ أَوْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الِارْتِفَاعِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ مِنْهَا أَوْ قَرِيبَةً لَكِنْ جُعِلَ حَائِلًا يَمْنَعُ الْكَشْفَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِهَا فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَاخْتُلِفَ إذَا فَتَحَ كُوَّةً مِنْ حَائِطِهِ بِحَيْثُ يَكْشِفُ عَلَى بُسْتَانِ جَارِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَزَارِعِ الْجَارِ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ فَتْحِ بَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>