للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خِلَافُهُ. وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ: (أَوْ حَفْرِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ فِي حَفْرِهِ وَإِنْ كَانَ) الْحَفْرُ (فِي مِلْكِهِ وَيُقْضَى بِالْحَائِطِ لِمَنْ إلَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ (الْقِمْطُ وَالْعُقُودُ) الْجَوْهَرِيُّ الْقِمْطُ بِالْكَسْرِ مَا يُشَدُّ بِهِ الْأَخْصَاصُ وَمِنْهُ مَعَاقِدُ الْقِمْطِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْقِمْطُ مَعَاقِدُ الْحِيطَانِ وَاحِدُهَا قِمَاطٌ وَالْقَمْطُ الشَّدُّ، وَقِيلَ: الْقِمْطُ وَالْعُقُودُ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ تَنَاكُحُ الْآجُرِّ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ.

وَقَالَ ع: يُرِيدُ الشَّيْخُ بَعْدَ يَمِينِهِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَهَذَا عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ الْعُرْفَ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيَجِبُ مَعَهُ الْيَمِينُ أَوْ مَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَلَا يَمِينَ مَعَهُ.

(وَلَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ) بِالْهَمْزَةِ مَقْصُورٌ الْعُشْبُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا أَيْ لَا يَمْنَعَ أَحَدُكُمْ فَضْلَ الْمَاءِ لِيَسْلَمَ لَهُ الْكَلَأُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا فَضْلَ الْكَلَأِ» . وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ الْمَاءِ مَرْعًى يَنْزِلُ فِيهِ قَوْمٌ يُرِيدُونَ رَعْيَهُ فَيَمْنَعُهُمْ أَهْلُ الْمَاءِ مِنْ الشُّرْبِ لِيَرْتَحِلُوا عَنْ مَرْعَاهُمْ وَذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْغَيْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قُبَالَةَ بَابِهِ] أَيْ بَابِ جَارِ الْفَاتِحِ فَإِنْ فَعَلَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى عَوْرَةِ جَارِهِ، وَمَفْهُومُ قُبَالَةَ بَابِهِ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ جَارِهِ فَلَا مَنْعَ

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ نَصُّهُ] يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِلشَّكِّ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِحَ مُتَرَدِّدٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى ظَاهِرًا أَوْ نَصًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِلْإِضْرَابِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: بَلْ نَصُّهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ أَوْ نَصُّهُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ نَافِذَةً فَلَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ الْبَابِ وَلَوْ لَمْ يُحَرِّفْهُ عَنْ بَابِ جَارِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إحْدَاثَ الْبَابِ بِالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَكَذَا بِغَيْرِ النَّافِذَةِ حَيْثُ رَضِيَ مَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ وَهَذَا بِخِلَافِ إحْدَاثِ الْحَانُوتِ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ، وَلَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ شِدَّةُ الضَّرَرِ مِنْ الْحَانُوتِ دُونَ الْبَابِ بِكَثْرَةِ الْوَاقِفِينَ عَلَى الْحَانُوتِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ فِي مِلْكِهِ] كَحَفْرِ بِئْرٍ مُلْتَصِقَةٍ بِجِدَارِهِ أَوْ حَاصِلٍ لِمِرْحَاضِهِ.

[قَوْلُهُ: وَيُقْضَى بِالْحَائِطِ إلَخْ] أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَعُمِلَ بِشَهَادَتِهَا وَلَوْ كَانَ الْقِمْطُ وَالْعَقْدُ لِجِهَةٍ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: الْقِمْطُ بِالْكَسْرِ] أَيْ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا

[قَوْلُهُ: مَا يُشَدُّ بِهِ أَيْ حَبْلٌ] يُشَدُّ بِهِ الْإِخْصَاصُ كَمَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسُ

[قَوْلُهُ: مَعَاقِدُ] جَمْعُ مَعْقِدٍ كَمَجْلِسٍ مَوْضِعُ عَقْدِهِ [قَوْلُهُ: مَعَاقِدُ الْحِيطَانِ] أَيْ مَا تُعْقَدُ بِهِ الْحِيطَانُ أَيْ مَا تُرْبَطُ بِهِ الْحِيطَانُ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقِمْطِ الْخَشَبُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي وَسَطِ الْحَائِطِ لِيَحْفَظَهُ مِنْ الْكَسْرِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ تَنَاكُحُ الْآجُرِّ] الْمُرَادُ بِالتَّنَاكُحِ تَدَاخُلُ بَعْضِ الْبِنَاءِ فِي بَعْضٍ، وَقِيلَ: الْقِمْطُ الْخَشَبُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْعُقُودُ تَنَاكُحُ الْأَحْجَارِ فِي بَعْضِهَا.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ع] يُرِيدُ الشَّيْخُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ صَرِيحَةٍ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَقْوَى وَنَحْوُهُ لعج. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهَذَا عَلَى اخْتِلَافِهِمْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ.

تَنْبِيهٌ

لَوْ كَانَ الْقِمْطُ وَالْعُقُودُ مِنْ جِهَتِهِمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ فَضْلَ الْمَاءِ] أَيْ الزَّائِدَ عَلَى حَاجَتِهِ فِيهِ

[قَوْلُهُ: الْعُشْبُ] بِضَمِّ الْعَيْنِ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا أَيْ الَّذِي هُوَ مُبَاحٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: لِيَرْتَحِلُوا عَنْ مَرْعَاهُمْ] أَيْ وَلَا يُمْكِنُ رَعْيُ ذَلِكَ الْكَلَأِ إلَّا بِالشُّرْبِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَيُمْنَعُ صَاحِبُ الْمَاءِ مِنْ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ بَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنْ أَمْسَكَهُ كَانَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ شَارِبَهُ أَوَّلًا إذْ الْحَقُّ فِي الْكَلَأِ لِكَافَّةِ النَّاسِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَاءِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا يُورَثُ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ أَوَّلًا أَنَّ الْمَاءَ مِلْكُهُ وَأَشْهَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>