للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكتاب ما اتفق له: اشتهر بمشارق الأرض ومغاربها في مبدأ حاله، وأنارت له الأرض والسموات إذ هو كالبدر عند كماله، فكان يوم ختمه يوما مشهودا حضره المقام الشريف الناصري محمد ولد السلطان الملك الظاهر أبي سعيد جقمق وجميع أركان الدولة والقضاة وطلبة العلم، وخرج الباعة وأهل الأسواق رجالا ونساء للفرجة، حتى أنى لا أظن أنه لم يتخلف ذلك اليوم في القاهرة كبير أحد، وكان في «التاج» (٣٠٦) خارج القاهرة في زمن الربيع، والقرط والفول حوله فانتشر الناس في ذلك، فأرسل قاضى القضاة من نادى لأصحابه ألّا

ما باله يرضى بخلع عذارى … إن كان لا يصغى لوصف عذارى

إنّ الغرام له رجال دينهم … تلف النفوس على هوى الأقمار

خاضوا بحار العشق وقت هياجها … إذ موجها كالجحفل الجرّار

فاستوسقوا دررا تجلّى نورها … صاروا بها في العالمين درارى

للّه أيام الوصال وطيبها … لو لم يكنّ كواكب الأسحار

ليلات (٣٠٧) أرتشفت الرحيق من الثغ … ور فانتشى من دون شرب عقار

وأدير في روض الوجوه محاجرى … عجبا، فتغنينى عن الأنوار

بأبى الخدود نواضرا وجناتها … كنواظر الغزلان في الدينار

قصدت يكون المسك حسن ختامها … فتعلمت من ختم فتح الباري

سارت به لمشارق ومغارب … نسخ (٣٠٨) غدت تتلى على الأخيار


(٣٠٦) المقصود بذلك منطقة التاج والسّبع وجوه من أحياء القاهرة وكانت متنزها بالقاهرة، انظر الصيرفي: نزهة النفوس، نشره وحققه: حسن حبشي ج ٤ ص ٦٢، وهي من إنشاء الأفضل بن أمير الجيوش وكان ينزلها الخلفاء الفاطميون للنزهة وظلت متنزها حتى مستهل القرن التاسع للهجرة، وقد أشار المقريزي إلى خرابها حتى لم يبق منها كما قال «سوى أثر كوم توجد تحته الحجارة، وصار ما حول هذا الكوم مزارع من جملة أراضي «منية الشيرج» أما الخمس وجوه فهي أيضا من إنشاء الأفضل وسميت بهذا الاسم لأنه كان بها خمسة أوجه من الخشب وكانت تستعمل لنقل الماء لرى البستان وقد تآلف العامة على تسميتها بالتاج والسبع وجوه-وذكر المقريزي أيضا أنه في أيام فيضان النيل ينبت بها البشنين فيكون أجمل ما ترى العين، كما ذكر أن المؤيد شيخ ابتدأ في تجديد عمارة منظرة فوق الخمس وجوه في ربيع الآخر سنة ٨٢٣ - المقريزي الخطط ج ١ ص ٤٨١.
(٣٠٧) أمامها في هامش تونس كلمة (أيام) وكلاهما صحيح.
(٣٠٨) في نسخة تونس «نسج».

<<  <  ج: ص:  >  >>