للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يزل على خدمة العلوم حتى صار رأس الناس قاطبة وإمام المسلمين كافة:

في كل وصف ترتضيه محسن … في كل رأى يصطفيه عاقل

مع أنه قد فاق أهل الأرض في … علم الشريعة، كم تقوم دلائل

علم الكتاب، وعلم سنّة أحمد … هل غير ذا إلا الضلال الباطل

فالله يبقيه لدين محمد … ما دام بحر (٣٣٣) أو سحاب هاطل

وله جميع المكرمات، وحسبه … رب البرية وهو نعم الكافل

*** هذا مع التضلع بعلوم الأدب، والحفظ الواسع للأشعار والنوادر، بحيث أنّ غالب كلامه منتزع (٣٣٤) من ذلك، مع بعد عهده بالاعتناء به (٣٣٥) وصرف المهمة إلى سواه، حتى إنه رأى مرة معي كتابا يتعلق بالأدب فقال: «أمسى الليل» يشير إلى قصر العمر عن ذلك، وأن مطالعة غيره أولى.

وهو مع ذلك كله حسن الشكل، جميل الوجه، منوّر الشيبة من كثرة صلاته بالليل، كثير الوقار، قليل الكلام، نافعه، بديعه، شديد الاتباع للسنة في النية والطهارة والملبس وغير ذلك، حلو الشمائل، بديع القول، ظريف النادرة جدا، مجلسه كأنه البستان فيه من جميع ما يشتهى الإنسان: العلم والأخبار الحسان، والنوادر اللطاف، وأحوال الناس في كل زمان من غير خروج في ذلك عن السّنة، إذا رأى من بعض جلسائه ما يسوؤه قطع المجلس وقام إلى الصلاة أو دخل البيت ونحو ذلك. قلّ أن يواجه أحدا بما يكره، يؤدب بأحواله، ويهذب بأقواله:

طباع من الصّهبا أرق، ومنطق … إلى الصب من ريق الحبائب أعذب


(٣٣٣) في السليمانية وتونس «بحرا» وهو صحيح ولكن الأصح «بحر».
(٣٣٤) في تونس والسليمانية «متبرع».
(٣٣٥) الضمير في «به» عائد على «علم الأدب».

<<  <  ج: ص:  >  >>