فكتب إليه هذين البيتين يعتذر عن عدم حله:
لك الخير: لي قلب بشغلى ممتل … وجسم انتحالى للقريض نحيل
فعذرا فما أخّرت نظم جوابكم … لبخل ولكن ما لي إليه سبيل
فأرسل إليه يكرر السؤال ويقول إنه لا بد من ذلك بأبيات منها:
ومثلك لا يعيى بفكر تحلّه … فأنت مليء بالجواب (٣٦٩) كفيل
أيا سيّدا سادت معاليه رفعة … وجرّت لها فوق السّماك ذيول
لكم في العلا والفضل أىّ نباهة … وللضد عند العارفين خمول
أتاني لغز منك للعقل مدهش … قئول لما قال الكرام فعول
تنظّم في سلك البلاغة دره … وكم لك عندي في القلائد لولو
تقول جوابا باعتذار تهكما … لأنت مليء بالجواب كفيل
تنظّم كان لي ميل إلى الشعر برهة … وأبكار فكرى ما لهن بعول
فشعّب منّى فكرتى عبء منصب … تحمّلته في كاهلىّ ثقيل
وفصل قضايا، في تفاصيل أمرها … فصول، وكم عند الخصوم فضول
ومجلس إملاء وخطبة جمعة … ودرس وتعليل له، ودليل
حديث، وتفسير، وفقه: قوامها … عقول تعاني فهمها ونقول
لمستنبطات الفكر مستنبطاتها … نزور، فإن لم أضبطنّ تزول
وطالب إسماع، وفتيا، وحاجة … وطالب علم في البحوث سئول
وكلهمو يرجو نجاح مراده … ويصخب ان أرجأته ويصول
وهذا إلى أوقات يوم راحة … وأكل، وشرب يعتريه ذهول
وفي نفس ترويح لنفس أجمّها … وتأنيس أهل هزلهن هزيل
وأمر معادى رحت فيه مفرّطا … وأمر معاشى قد حواه وكيل
ولا تنس أنباء الرسائل إنهم … متى عوقوا نحو العقوق يميل
وأما مداراة الأنام وشرح ما … أعانيه منها، فالكلام يطول
(٣٦٩) ورد بعد هذا في الأصول العبارة التالية «فقال الحمد لله واهب العقل» ثم تابع بعد ذلك ما بالمتن.