في ذلك، شاهدته-وهو يتحدث-يكتب على الفتاوى أو يصنف أو يسمع ويرد على القارئ ما ينبغي رده، قلّ أن يمضى يوم له لا يكتب فيه في المجلس الواحد على نحو عشرين فتوى أو أكثر، هذا مع أشغاله الكثيرة التي شرحها في قوله، وقد ألغز إليه الشريف صلاح الدين الأسيوطى في «العقل» في قصيدة منها (وقد أنشدني جميع القصيدة في سنة سبع وثلاثين):
ألا يا ذوى الآداب والعلم والنهى … ومن عنهمو طابت صبا وقبول
فديتكموا (٣٦٨) لولا نفيس نفوسكم … يصونونه، كيما يعزّ وصول
فإنّى رأيت الفضل قد صار كاسدا … على أنّ أهليه إذن لقليل
فعن رؤوساء الوقت عدّ، وجلهم … فليس إلى حسن الثناء سبيل
ولا تنس أنباء الزمان، فشرح ما … يسوؤك منهم أنه لطويل
ومنها:
خبر تهموا قدما فما فيهمو وفا … وعندهمو في الأفضلين فضول
سوى صاحب يا صاح بي مترفق … وذاك له بين الضلوع مقيل
يحقّ له منّى الصيانة، إنه … قئول لما قال الكرام فعول
يصاحبنى في القبض والبسط دائما … وليس له بين الأنام عديل
ومنها:
وليس بجسم مع جهالة قدره … على أنه للجسم سوف يؤول
وفي الطرف تلقاه، وبالقلب ساكن … وليس لمثل القلب عنه ذهول
إذا انفض-ممن قد جنى-عنه لم يكن … وفاء، وقد صحّت بذاك نقول
له ذمة كالنفس كاملة إذن … وجوبا على الجانبين حين يجول
ويحسب طرف منه نصف جمعه … وفي جمل الحسّاب فيه فضول
وزاد على حد الثلاثين ثلثه … وفيه معان في البيان تطول
(٣٦٨) هذا البيت ساقط من نسخة السليمانية.