للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع الشيخ على الرومي في الإيجاب والوجوب، فكفّر الرومىّ باكيرا بالباطل على عادته في بذاءة اللسان والفجور، فأمر السلطان بالدعوى عند شيخنا قاضى القضاة، فأرسل إليه رسولين فركب معهما الرّومىّ إلى بعض الطريق، ثم أراد الهرب فمنعاه، فضرب أحدهما-وهو شريف برجله في رأسه وساق الفرس ليفوتهما فلم يتمكن من مراده، فحمله الخلق (٣٩٨) على أن نزل عن فرسه ومشى، وادّعى عليه باكير فأنكر، واستكتبه قاضى القضاة خطّه بالإنكار، وطلب البيّنة من باكير، وكان بعض فجّار الأتراك يميل إلى الرومي بواسطة اللسان والمذهب والفجور، وألّبوا كذلك على شيخنا ومعهم قاضى القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي وبقيّة أبناء العجم.

فأنهوا إلى السلطان أنه أهين إهانة زائدة، وأوغروا السلطان على أبناء العرب، فطلب القضاة وأكابر العلماء، وعقد لذلك مجلسا بحضرته، فانتدب إمام أهل المعقول قاضى القضاة شمس الدين البساطى للبحث معهم، فقال العيني: «ليس هذا وقت بحث وإنما جئنا للصّلح».

وأسرعوا في طلب ذلك، فأجابهم باكير فصالحه، وانفصل الأمر على ذلك.

وإنما كان مرادهم به أن يظهروا للأتراك أنه لا حقّ لبكير وإلّا لم يصالح، وأن أبناء العرب ليس قصدهم إلا أذى أبناء العجم، فصدّقهم الأتراك (٣٩٩) وازدادوا بغضا لهم، وشرع بعضهم يذكر قاضى القضاة بما لا يليق به، فقال (٤٠٠) طغتمر المذكور:

«اسكت فإني رأيت له مناما عجيبا»، وقصّه عليه، فحكى لي (٤٠٠) ذلك فاجتمعت به فحدثنا قال:

«لما سار السلطان الأشرف سنة ست» وثلاثين وثمانمائة إلى قتال عثمان بك بن قرايلك بمدينة آمد، ووصلنا إلى مدينة ألبيرة (٤٠١) وراء الفرات رأيت في


(٣٩٨) في تونس «الحنق» بدلا من «الخلق».
(٣٩٩) أي السلطان ومماليكه وحواشيه.
(٤٠٠) في تونس والسليمانية «لهم».
(٤٠١) هناك ثلاثة مواضع يعرف كلّ منها بالبيرة واحدة منها هي التي وصفها ياقوت في معجمه بأنها واقعة بين القدس ونابلس وقد خرّبها صلاح الدين، ورآها ياقوت بنفسه كما ذكر خرابا حين أخذها الصلاح من الفرنج. أما الثانية فقرب سميساط بين حلب والثغور الرومية. وهناك قلعة ألبيرة وهي أسفل جسر منبج على الفرات، وقال فيها أبو الفدا إنها في حبس قنسرين على الشاطئ الشمالي الغربى بنهر الفرات ويوجد على مقربة منها واد يعرف بوادي الزيتون. انظر ذلك بالتفصيل اعتمادا على المصادر العربية في Le-Strange:Palestine Under The Moslems P .٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>