المنام ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان تلك السنة، كأنّي دخلت مسجدا صغيرا وفيه شيء كأنه قبر محجّر عليه بخشب، وفي ذلك الخشب طاق، وإلى جانب التحجير نعش من خشب أبيض (٤٠٢) بأربع قوائم، وعلى ذلك النعش شخص ممدود، عليه ثياب بيض شديدة البياض بحيث أنها لا تشابه ثياب أهل الدنيا كأنها أكفان، وليس من جسده شيء يرى، وإلى جانبه أشخاص ألوانهم خضر.
وكان قاضى القضاة ابن حجر في محراب ذلك المسجد يصلّى إماما، ووراءه السلطان من جهة اليمين، وقاضى القضاة الباسطى المالكي من جهة اليسار يصليان مأمومين به، فأدركت معهم بعض الصلاة ولم أعلم أي صلاة هي.
فلما سلّمت قمت فوضع بعض أولئك الأشخاص أيديهم على كتفي وقالوا:«أما تعرف هذا؟».
«وأشاروا إلى ذلك الذي على النعش فقلت: لا، فقالوا: هذا رسول الله».
واستدار ابن حجر فدعى، ثم قام البساطيّ فجاء إلى النبي ﷺ ومدّ يده إلى صدر، النبي ﷺ ففرج بين الأكفان يسيرا، وأخذ من هناك يا سمينا بحسب ما قدر يقبضه بكفه، ثم تأخّر وشرع يقرّبه إلى أنفه ويشمه، ثم يمد يده ثم يردّه إلى أنفه ويشمه، وتناثر من يده من ذلك الياسمين خمس زهرات أو ست، ثم قام ابن حجر إلى النبي ﷺ فقبّل صدره، وشرعا يتكالمان [بكلام] لم أسمع أحسن منه ولا ألذّ.
غير أنى لم أحفظ منه شيئا، واستمرا على ذلك زمانا طويلا لعله مقدار ما يطبخ الانسان لحما وينضجه، ثم أدخل يده الواحدة تحت كتف النبي ﷺ والأخرى تحت وسطه، فأدخله إلى ذلك المكان المحجر من تلك الطاق من جهة رجلي النبي ﷺ، والمكالمة مع ذلك مستمرّة حتى استيقظت وقت التسبيح وهما على ذلك.